اسماعيل كايا / اسطنبول
تستضيف العاصمة الروسية موسكو، اليوم الاثنين، جولة جديدة من المفاوضات التركية الروسية حول الأوضاع المتفجرة في محافظة إدلب شمالي سوريا، وسط تكهنات حول ما إن كانت هذه الجولة سوف تمهد لاتفاق جديد يوقف إطلاق النار، أم أنها ستقود لفشل جديد يفتح الساحة أمام الجانبين لمحاولة الحسم العسكري وبالتالي احتمالات المواجهة الواسعة بين الجيش التركي وقوات النظام السوري وبالتالي صدام مباشر بين تركيا وروسيا.
وحسب ما أكدت مصادر رسمية تركية، فإن وفداً تركياً من وزارتي الخارجية والدفاع سيزور موسكو اليوم، لإجراء جولة مباحثات جديدة معه الجانب الروسي في محاولة جديدة للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب، وبالتالي تفاهمات جديدة حول مستقبل المنطقة.
وبينما لم تؤكد الجهات الرسمية التركية ما إن كان الوفد سيكون على مستوى الوزراء، أم على مستوى الممثلين، تحدثت مصادر غير رسمية عن أن الوفد سوف يضم وزراء الخارجية مولود جاوش أوغلو، والدفاع خلوصي أقار، وسط أنباء عن إمكانية مشاركة رئيس الاستخبارات هاكان فيدان.
وتأتي هذه الجولة، بعد سلسلة اتصالات فشلت في التوصل لأي تفاهمات ولو مرحلية تتعلق بوقف هجوم النظام على إدلب، حيث عقد وفد روسي رفيع مباحثات على جولتين في العاصمة أنقرة، قبيل اتصال جرى بين الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، ولقاء بين وزيري خارجية البلدين، واتصال بين رئيسي أركان البلدين.
وسيعتبر مشاركة الوزراء الأتراك في الوفد المغادر إلى موسكو أول مؤشر على إمكانية التوصل إلى اتفاق، حيث نجحت الزيارات السابقة كافة التي شارك بها وزيرا الخارجية والدفاع ورئيس الاستخبارات التركية في التوصل إلى تفاهمات ولو مرحلية في جولات التصعيد التي شهدتها إدلب في العامين الأخيرين.
وزير الخارجية التركي وفي مؤتمر صحافي من ميونيخ، أعطى مؤشرات وإن كانت ضعيفة على إمكانية التوصل إلى اتفاق قريب لوقف إطلاق النار، لافتاً إلى انه أبلغ نظيره الروسي سيرغي لافروف بضرورة وقف الهجمات والتوصل إلى اتفاق متين لوقف إطلاق النار في إدلب.
وما زال خيار التوصل إلى تفاهمات جديدة مع روسيا حول وقف إطلاق النار وخارطة طريق لإنهاء الأزمة المتفاقمة في إدلب الخيار الأول لتركيا حسب ما أكدت تصريحات مختلفة لاردوغان ووزير خارجيته اللذين أكدا في المقابل استعداد الجيش التركي للقيام بخطوات عسكرية أوسع في حال فشلت مساعي التوصل لحل دبلوماسي للأزمة.
وفي حال نجاح الجانبين في التوصل إلى اتفاق جديد في إدلب، فإنه سيكون بمثابة خريطة طريق لتنفيذ تفاهمات سوتشي السابقة، أو نسخة معدلة منها، ويمكن أن تتمحور الحلول الوسط حول تراجع النظام ولو جزئياً ومراقبة المناطق التي سيطر عليها لا سيما الطرق الدولية من قبل دوريات تركية روسية.
لكن الاستحقاق الأكبر الذي سيكون أمام تركيا مجدداً هو مصير هيئة تحرير الشام والمجموعات المسلحة المصنفة إرهابية في إدلب، حيث ستضطر أنقرة للتعهد بالتعامل مع هذه المجموعات، وفي حال تلقيها تعهدات حقيقية بعيدة الأمد من روسيا بوقف هجمات النظام، فإن تركيا ستكون أمام استحقاق العمل على تفكيك الهيئة أو تنفيذ عملية عسكرية ضدها، وهو الخيار الأصعب الذي أجلته تركيا مراراً.
خيار الحل الدبلوماسي الذي يبقى قائماً ومرجحاً من قبل تركيا لتجند الدخول في صراع واسع مع روسيا، لا يلغي احتمالات الفشل الواسعة التي ستقود إلى المواجهة العسكرية الأوسع وإمكانية تنفيذ تركيا تهديدات اردوغان بتنفيذ عملية عسكرية واسعة ضد النظام لإخراجه من المناطق التي سيطر عليها في هجومه الأخير على منطقة خفض التصعيد الأخيرة في إدلب ومحيطها من ريفي إدلب وحلب.
وفي هذا الإطار، واصل الجيش التركي إرسال مزيد من التعزيزات العسكرية التي شملت حتى الآن أكثر من 2000 دبابة وعربة عسكرية وأنظمة تشويش والآلاف من الجنود وعناصر القوات الخاصة، إلى جانب الدعم الكبير الذي قدمته تركيا لفصائل المعارضة السورية والذي ظهر بشكل واضح على شكل صواريخ موجهة وصواريخ أرض جو محمولة على الكتف تمكنت حتى الآن من تدمير عشرات الآليات ومروحيتين لنظام الأسد، في تحول كبير في المواجهة العسكرية بإدلب.
وفي ظل استمرار تقدم النظام ميدانياً على الأرض، ووصول عدد النازحين الفارين نحو الحدود التركية إلى أكثر من مليون، واقتراب مهلة اردوغان للنظام للانسحاب من نهايتها، يتوقع أن تدفع نتائج مباحثات موسكو تركيا لاتخاذ قرار نهائي بالعودة للتفاهمات مع روسيا وربما القيام بعمل عسكري ضد هيئة تحرير الشام، أو البدء بعمل عسكري ضد النظام يتوقع أن يؤدي إلى انتكاسة كبيرة في العلاقات مع روسيا وفتح الباب واسعاً أمام الخيارات العسكرية كافة على الأرض.