اسماعيل كايا / اسطنبول
في ظل تصاعد التوتر السياسي والعسكري بين روسيا وتركيا على خلفية الأوضاع المشتعلة في محافظة إدلب شمالي سوريا، كشفت مصادر روسية أن تركيا أغلقت مجالها الجوي ومنعت ومرور طائرات عسكرية روسية عبر أجوائها، وهو ما فتح الباب أمام التساؤلات حول مدى قدرة تركيا على إغلاق مضائقها أمام مرور السفن الحربية الروسية التي تنتقل من البحر الأسود إلى السواحل السورية على البحر المتوسط.
توتر غير مسبوق
ووصلت العلاقات بين موسكو وأنقرة إلى مستويات غير مسبوقة من التوتر، بعد فشل الطرفين في التوصل إلى تفاهمات تضع حداً للاشتباكات في إدلب، ووصل هذا التوتر إلى ذروته مع إعلان وزارة الدفاع التركية مقتل جنديين وإصابة 5 آخرين في غارات جوية، يعتقد أنها روسية، في منطقة النيرب في إدلب، حيث أعلنت وزارة الدفاع الروسية شن غارات واسعة في المنطقة رداً على هجوم نفذه الجيش التركي وفصائل المعارضة السورية ضد النظام السوري في تلك المنطقة.
صحيفة «نيزافيسيمايا» الروسية، قالت الجمعة، إن تركيا منعت 4 طائرات عسكرية روسية من بينها قاذفتان من عبور أجوائها إلى سوريا، لافتةً إلى أن اردوغان ما زال يتعنت بالتوصل إلى اتفاق مع روسيا وأنه أمر بإغلاق المجال الجوي في وجه التحركات العسكرية الروسية.
وقالت الصحيفة إن الطائرات الروسية اضطرت للدخول إلى أجواء إيران والعراق من أجل الوصول إلى سوريا بعد المنع التركي، حيث تقوم وزارة الدفاع الروسية بإرسال تعزيزات عسكرية متسارعة إلى قاعدة حميميم في سوريا شملت دبابات وقنابل وصواريخ، مع تصاعد المواجهات، واحتمال حصول نزاع مباشر مع تركيا. وفي ظل التوتر براً وجواً بين روسيا وتركيا، ما زالت روسيا ترسل تعزيزات عسكرية إلى قواتها في سوريا من خلال مضيقي البوسفور والدردنيل اللذين تضطر جميع السفن الروسية إلى العبور منهما في طريقها من البحر الأسود إلى البحر الأبيض المتوسط.
في ظل تفجر الخلافات واحتمالات الاشتباك العسكري في إدلب
هذه التطورات، فتحت الباب أمام التكهنات حول إمكانية لجوء السلطات التركية إلى إغلاق مضيقي البوسفور والدردنيل أمام السفن الحربية الروسية وذلك في حال حصول اشتباك عسكري أوسع بين البلدين في سوريا، وأعادت إلى الواجهة بنود اتفاقية مونترو التي تنظم عبور السفن عبر المضائق المطلة على تركيا.
وتطبق تركيا في سياستها تجاه عبور السفن الدولية المضائق المتحكمة فيها، «اتفاقية مونترو» التي وقعت عام 1936 لتنظيم الملاحة في المضايق التركية، وما زالت هذه الاتفاقية سارية المفعول حتى الوقت الحاضر، حيث تعطي هذه الاتفاقية لتركيا الحقوق الكاملة لممارسة سيادتها على المضايق، وإدارتها وإعادة تحصينها وتقييد مرور السفن الحربية، التي لا تتبع دول البحر الأسود تقييداً أشد، كما تمنح الاتفاقية تركيا الحق في منع مرور سفن الدول التي تكون معها في حالة حرب.
منع السفن
وتنص الاتفاقية على منع عبور أي سفينة حربية تتجاوز حمولتها 15 ألف طن، ولا يسمح بوجود أكثر من تسع سفن حربية في الممر في وقت واحد، وألاّ تزيد حمولتها مجتمعة عن 15 ألف طن، ويمنع مرور حاملات الطائرات، ويسمح للغواصات بالمرور في المضايق شريطة أن تكون ظاهرة على السطح، وعلى أن تقصد الترسانات للصيانة. ولتركيا الحق في منع مرور السفن الحربية بالكامل في المضايق، إذا كان مرورها يهدد أمن الدولة التركية.
هذا الجدل نفسه، أثير بقوة خلال الأزمة التي تفجرت بين البلدين عام 2015 بعدما أسقطت تركيا طائرة حربية روسية، وآنذاك وعلى الرغم من أن الخارجية التركية أكدت أنها تلتزم بدقة بالاتفاقية ونفت الأنباء حول إمكانية إغلاق مضائقها أمام السفن الروسية، ذكرت وسائل إعلام روسية أن السلطات التركية وضعت عراقيل أمام سفنها التي تمر عبر مضيق البوسفور.
ولمح العديد من الكتاب الأتراك إلى أن بلادهم قد تضطر لإغلاق مضائقها أمام السفن الحربية الروسية في حال تصاعد التوتر بين البلدين، معتبرين أنها ورقة ضغط مهمة يجب أن تستخدمها الحكومة التركية، وفي حال إغلاق البوسفور ستكون السفن الروسية بحاجة إلى عبور المحيط وقطع مسافات طويلة جداً حتى تصل إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط.
وتمثل المضائق التركية المخرج الوحيد للسفن الروسية من البحر الأسود المغلق. وتمر في المضايق التركية سفينة حربية روسية كل 36 ساعة، بينما تمر عبرها 20 سفينة تجارية روسية يومياً، وتمثل السفن التجارية الروسية 40% من الحمولة المارة في المضيقين.