نورالدين قلالة / الدوحة
مع بدء العد التنازلي لآخر 1000 يوم على انطلاق منافسات النسخة الثانية والعشرين من كأس العالم في الحادي والعشرين من نوفمبر 2022، أشاد الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بالتقدم الهائل الذي تحرزه قطر على طريق الإعداد لاستضافة البطولة، وأكدت اللجنة العليا للمشاريع والإرث، الجهة المسؤولة عن تنفيذ مشاريع البنية التحتية الخاصة بالمونديال، سعيها للاستفادة من استضافة الحدث الرياضي الأبرز في العالم لبناء إرث مستدام يعود بالفائدة على قطر والمنطقة والعالم.
وشهدت قطر منذ الإعلان عن فوزها بحق استضافة كأس العالم 2020 في عام 2010 إطلاق مشاريع بنية تحتية ضخمة استعداداً لاستضافة المونديال، من بينها اكتمال العمل في اثنين من استادات المونديال هما استاد خليفة الدولي، واستاد الجنوب، كما سيشهد العام الجاري الإعلان عن جاهزية ثلاثة استادات أخرى هي استاد المدينة التعليمية، واستاد الريان، واستاد البيت، على أن يجري افتتاح الاستادات الثلاثة المتبقية قبل وقت كافٍ من انطلاق المنافسات.
إلى جانب ذلك، جرى اعتماد 21 من معسكرات ملاعب التدريب المخصصة للفرق المشاركة في المونديال، مع تضمينها في النسخة الأولى من الكتيّب الذي تسلّمته المنتخبات الوطنية المتنافسة في التصفيات المؤهلة لمونديال 2022، كما يتواصل العمل لإنجاز العدد المتبقي من ملاعب التدريب قبل البطولة بموعد مناسب. كما بدأت الدولة في تشغيل خطوط مترو الدوحة التي استخدمها المشجعون خلال بطولة كأس العالم للأندية 2019، ما يضمن سهولة وصول المشجعين إلى استادات المونديال.
وفي تصريح له بهذه المناسبة، قال جياني إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا): “مع انطلاق العد التنازلي لـ1000 يوم على بدء منافسات بطولة كأس العالم 2022، تواصل قطر تميّزها على طريق الإعداد للمونديال مقارنة بأي بلد آخر استضاف البطولة. وتتطلع قطر لإبهار العالم في 2022، وأرى أنها على الطريق الصحيح لتحقيق ذلك. لا شك أن النسخة المقبلة من المونديال ستمثل علامة فارقة على الصعيدين الثقافي والاجتماعي، وستمثل كرة القدم والمونديال نافذة هامة يتعرّف من خلالها العالم على هذه المنطقة التي تحظى كرة القدم فيها بشعبية واسعة، ومن ثم الاستفادة من هذا الحدث العالمي في التواصل والتقريب بين الشعوب، وتعزيز الفهم المشترك بين الجميع خلال احتفالية كروية عالمية على أرض قطر”.
من جانبه، قال حسن عبدالله الذوادي،الأمين العام للجنة العليا للمشاريع والإرث: “أمضينا عشر سنوات من العمل الجاد استعداداً لاستضافة البطولة بحماس وترقّب، مع إصرارنا على أن تستضيف قطر النسخة الأفضل على الإطلاق في تاريخ المونديال. لقد عقدنا العزم على أن يمثل المونديال الأول في الشرق الأوسط والعالم العربي علامة مميزة في تاريخ استضافة البطولات الكروية الكبرى”.
وتتواصل الاستعدادات في قطر لاستضافة المونديال الأكثر تقارباً في تاريخه، ما يضمن بقاء المشجعين واللاعبين وأجهزة المنتخبات المشاركة على مقربة من الاستادات، وملاعب التدريب، ومناطق المشجعين، وأماكن الإقامة. علاوة على ذلك، لا تتجاوز المسافة بين أي من استادات المونديال 55 كلم، ما سيسمح للمشجعين بحضور أكثر من مباراة واحدة في اليوم الواحد في مرحلة المجموعات.
إلى جانب ذلك، تضمن الطبيعة المتقاربة للمسافات التي تتميز بها بطولة قطر 2022 انتقال اللاعبين والمشجعين عبر مطار واحد، والبقاء في مقر إقامة واحد دون الحاجة للسفر جواً والتنقل لمسافات بعيدة، ما يوفر مزيداً من الوقت للاعبين للتركيز على جاهزيتهم للمنافسات، وللمشجعين لحضور عدد أكبر من المباريات والاستمتاع بما تزخر به قطر من معالم سياحية عديدة.
وعلى صعيد التحضير لاستضافة المونديال، تعمل قطر على قدم وساق للاستفادة من تجربة استضافتها لبطولة كأس العالم للأندية 2019 في ديسمبر الماضي. وفي هذا السياق، قال ناصر فهد الخاطر، الرئيس التنفيذي لكأس العالم 2022: “في ضوء سير العمل في كافة المشاريع المرتبطة بالمونديال وفق الجدول الزمني المقرر، نركّز في الوقت الراهن على إثراء تجربة المشجعين في 2022، ونحن عازمون على استضافة مونديال يرحب بالجميع في أجواء عائلية، ويسلّط الضوء على ما يُميّز قطر والمنطقة. تعلّمنا الكثير من استضافة كأس العالم للأندية العام الماضي في كافة جوانب العمل، وسنطبق هذه الدروس المستفادة في نسخة 2020 من البطولة، وفي وضع الخطط لاستضافة مونديال 2022”.
كما قال كولين سميث، المدير العام لكأس العالم 2022 وكبير مسؤولي البطولات والفعاليات في الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا): “تتيح البطولات التجريبية أمامنا فرصة قيمة لتقييم الاستادات الجديدة، والعمل مع الجهات المعنية، وتشكيل وتدريب الفرق العاملة، ما يقدم لنا رؤى هامة تساعدنا في وضع الخطط لاستضافة كأس العالم. ومع اقترابنا أكثر من موعد انطلاق منافسات البطولة، تركّز خططنا بشكل أكبر على العمليات التشغيلية. لقد زارت قطر العديد من فرق العمل للوقوف على جاهزية مرافق التدريب، كما نتعاون عن كثب مع شركائنا، وقد زارت الدوحة العام الماضي الجهات التجارية التابعة، وكذلك جهات البث الرئيسية في وقت سابق من العام الجاري”.
رعاية عمال مشاريع المونديال
وإلى جانب التحضيرات المتواصلة لاستضافة المونديال، تتخذ قطر العديد من الخطوات الهامة في جوانب أخرى ذات صلة بالبطولة خاصة تلك المتعلقة برعاية عمال مشاريع المونديال وضمان حقوقهم، فقد أجرت اللجنة العليا للمشاريع والإرث مجموعة واسعة من الإصلاحات، وأطلقت مبادرات عديدة عادت بالفائدة على العمال، منها إجراء عمليات تفتيش وتدقيق دورية على مواقع العمل، وتنظيم منتديات دورية لإيصال شكاوى العمال وتظلماتهم وإيجاد حلول لها، إضافة إلى تنفيذ عدد من المشاريع التعاونية المتعلقة بتحسين تغذية العمال وضمان صحتهم وسلامتهم طوال فترة عملهم في مشاريع المونديال. من جانب آخر، تعاونت اللجنة العليا مع عدد من المقاولين لسداد أكثر من 25 مليون دولار للعمال الذين اضطروا لدفع رسوم غير قانونية في بلدانهم مقابل توظيفهم في قطر، وذلك دون حاجة العامل لتقديم وثيقة تثبت ذلك.
افتتاح ثلاثة ملاعب مونديالية جديدة في 2020
خلال هذا العام سيتم افتتاح ثلاثة ملاعب مونديالية جديدة، هي استاد المدينة التعليمية الذي اكتملت كافة أعمال بنائه في ديسمبر 2019، ومن المقرر أن يُدشن الاستاد خلال هذا العام، وتبلغ سعته 40,000 متفرج ويلقب بجوهرة الصحراء، وسيستضيف مباريات بطولة قطر 2022 حتى الدور ربع النهائي، وهو أول استادات البطولة يحصل على شهادة المنظومة العالمية لتقييم الاستدامة من فئة الخمس نجوم.
الملعب الثاني هو استاد “البيت” الذي يستوحي تصميمه من بيوت الشعر التي سكنها البدو قديماً، والذي اكتملت كافة أعمال البناء فيه ومن المقرر تدشينه هذا العام، وطاقته الاستيعابية 60,000 ألف مشجع، ويقع الاستاد في مدينة الخور ( 43 كم عن الدوحة)، وسيستضيف مباريات كأس العالم حتى الدور نصف النهائي.
الملعب الثالث هو استاد الريان الذي اكتمل بناء إطاره الخرساني وسقف الملعب، مع قرب انتهاء الأعمال في الطبقة العليا من الاستاد، كما تم تثبيت ما يزيد عن نصف واجهة الملعب، ومن المقرر افتتاحه هذا العام. سعته الاستيعابية 40,000 متفرج، ويقع في مدينة الريان (22 كم عن وسط الدوحة)، وسيستضيف الاستاد مباريات المونديال حتى الدور ربع النهائي.
5 مليون مشجع وموازنة بقيمة 6.5 مليار دولار
على صعيد آخر، يبلغ إجمالي قيمة الموازنة المخصصة لبناء ملاعب كأس العالم ومواقع التدريب اللازمة للبطولة 6.5 مليار دولار.
وسيصل عدد المشجعين المتوقع زيارتهم لقطر خلال مونديال 2022 مليونا ونصف المليون، فيما سيبلغ عدد الغرف المُتاحة لاستقبال المشجعين والزوار خلال عام 2022 أكثر من 70 ألف غرفة. وبإمكان المواطنين من 80 دولة حول العالم الدخول إلى دولة قطر دون الحاجة لإصدار تأشيرة.
وفيما يتعلق بالنقل، يضم مترو الدوحة حالياً 37 محطة ستكون في خدمة المشجعين والزوار للتنقل بين أماكن الإقامة، والاستادات، ومناطق المشجعين خلال المونديال. وقد استخدم المشجعون المترو للتنقل خلال بطولة كأس العالم للأندية 2019. وكان عدد مستخدمي مترو الدوحة منذ تدشينه عام 2019 حوالي 10 ملايين شخص. بالإضافة إلى ذلك، سيدخل معظم المشجعين إلى قطر خلال عام 2022 من خلال مطار حمد الدولي، المنفذ الجوي الوحيد للدولة، وستعطي الطبيعة المتقاربة للمسافات التي تتميز بها جغرافية الدولة فرصة أمام كافة الزوار للاستقرار في مقر إقامة واحد دون الحاجة إلى التنقل من مكان لآخر طوال مدة الزيارة. ومن المتوقع أن تصل الطاقة الاستيعابية السنوية لمطار حمد الدولي إلى حوالي 53 مليون زائر بحلول عام 2022. وفي الوقت الحالي، يرحب المطار بحوالي 30 مليون مسافر سنوياً.
ولا تبعد دولة قطر عن ملياري شخص حول العالم سوى رحلة جوية تستغرق أربع ساعات فقط. وفي عام 2022، ستمثل قطر نقطة اتصال، تقدم للمشجعين والزوار فرصة زيارة واكتشاف دول أخرى في المنطقة.
كما سيتمكن أكثر من 3 مليار مشجع في آسيا وأوروبا من مشاهدة مباريات البطولة نظراً لنقلها في مواعيد مناسبة.
الابتكار والتبرع
وستتبرع قطر بعد البطولة بأعداد كبيرة من مقاعد الملاعب لتطوير مشاريع رياضية في دول تفتقر لبنية تحتية رياضية. ويُجسد هذا التوجه أحد وعود ملف الاستضافة بأن تترك الدولة إرثاً مستداماً يدوم أثره لأعوام بعد انتهاء البطولة.
من جانب آخر، سيكون استاد “راس أبو عبود” أول استاد قابل للتفكيك بالكامل في تاريخ بطولات كأس العالم لكرة القدم، إذ تستخدم حاويات الشحن البحري، ومقاعد قابلة للتفكيك، ووحدات بناء أخرى في بناء هذا الاستاد الفريد. ولا ينحصر الابتكار الذي يميز هذا الاستاد في ذلك فحسب، بل سيتم بعد المونديال تفكيك الاستاد بالكامل للاستفادة منه في تطوير مشاريع بنية تحتية رياضية في العالم.
الكحول متوفرة في أماكن معينة.. لكنها ليست من ثقافتنا
أما فيما يتعلق بالمشروبات الكحولية وبما أنها ليست جزءاً من الثقافة القطرية، فلن تكون متوفرة في كل مكان، بل سيتم تخصيص أماكن معينة لشرائها كالفنادق مثلا.
أما ما يتعلق بالأمن والسلامة فلطالما صُنفت قطر بأنها من الدول الأكثر أماناً في المنطقة، والأقل في معدل انتشار الجرائم. وتتعاون قطر مع خبراء ومتخصصين دوليين كالإنتربول، ومجلس أوروبا، ووزارة الداخلية في المملكة المتحدة، وقوات الدرك الوطني الفرنسي، وغيرها لضمان أمن وسلامة الزوار القادمين لقطر عام 2022.