هبة محمد واسماعيل كايا
صاعد التوتر في إدلب، أمس الجمعة، إلى درجة من الخطورة، بحيث استدعى جلسات طارئة لمجلس الأمن الدولي وحلف الناتو واتصالات دولية، بعد مقتل 33 عسكرياً تركياً، أول أمس الخميس، في المحافظة الواقعة شمال غربي سوريا، بقصف للنظام السوري، الذي اعتبرته أنقرة تهديداً لأمنها القومي.
وبعدما تحدث الكرملين عن أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليست لديه خطط للقاء نظيره التركي رجب طيب اردوغان في الخامس من آذار/ مارس، عاد وأطلق تصريحا مخالفا، قائلاً إن بوتين وأردوغان اتفقا خلال مكالمة هاتفية يوم الجمعة على ضرورة اتخاذ إجراءات جديدة لتخفيف التوتر وإعادة الوضع إلى طبيعته في شمال غرب سوريا، وكذلك على ترتيب اجتماع رفيع المستوى لبحث الوضع في إدلب التي قال الرئيسان إنها مبعث «قلق بالغ».
«الناتو» يدعم أنقرة … ترامب يدعو بوتين لوقف الهجوم … وتحذير أممي من «خروج الوضع عن السيطرة»
مسؤول تركي رفيع المستوى بيّن أن اردوغان أبلغ بوتين بأن كل عناصر الحكومة السورية أصبحت أهدافا وسيتم ضربها.
وقال مدير الاتصالات في الرئاسة التركية، فخر الدين ألتون، في تصريحات صحافية، إن اردوغان دعا بوتين إلى أن تفي روسيا بمسؤولياتها في إدلب وتوقف هجمات القوات السورية.
وبالتوازي، أعلنت أنقرة أنها لن توقف بعد اليوم المهاجرين الراغبين بالوصول إلى أوروبا.
وبالفعل بدأ آلاف اللاجئين السوريين والعرب والأفغان بالتدفق نحو أوروبا من الأراضي التركية براً وبحراً.
وشاهد مراسل «القدس العربي» تجمعات أكبر لمئات من الأفغان الذين يقطنون منطقة زيتين بورنو في إسطنبول، حيث باشروا بالتوجه إلى ولاية أدرنة الحدودية على شكل مجموعات، حيث يسيرون هناك لمسافات طويلة سيراً على الأقدام وصولاً إلى الحدود اليونانية أو البلغارية.
وشهدت محطة الباصات المركزية في إسطنبول «أوتوغار» ازدحاماً شديداً منذ الساعات الأولى لصباح أمس الجمعة، وازداد الطلب بشكل كبير على الباصات المتجهة من إسطنبول إلى ولاية أدرنة، ووصل ظهر الجمعة أول قارب مهاجرين إلى جزيرة ميدلي اليونانية، فيما انطلق العديد من زوارق المهاجرين الأخرى.
وبثت وسائل الإعلام التركية مشاهد لمئات اللاجئين يسيرون سيراً على الأقدام نحو الحدود مع اليونان وبلغاريا، وأثار القرار التركي غضب وإرباك العديد من الدول الأوروبية لا سيما اليونان وبلغاريا، حيث منع عناصر حرس الحدود اليونانيون مئات المهاجرين من اجتياز الحدود.
وأرسلت بلغاريا قوات من الدرك إلى حدودها البرية والبحرية مع تركيا، كما أعلن رئيس الوزراء بويكو بوريسوف، مشيراً إلى أن تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين يمثل «خطراً حقيقياً»، وأعرب عن قلقه من «انسحاب حرس الحدود الأتراك».
وكالعادة تلقت تركيا دعماً كلامياً فقط من الولايات المتحدة، حيث أعلن البيت الأبيض أن الرئيسين دونالد ترامب واردوغان طالبا روسيا وسوريا بـ»وقف» هجوم عسكري في إدلب.
وقال البيت الأبيض في بيان إن ترامب «عبر في اتصال هاتفي عن تعازيه وإدانته» للقصف الذي شنته القوات السورية وقتل فيه 33 جنديا تركيا.
وتابع «اتفق الزعيمان على أنه يجب على النظام السوري وروسيا والنظام الإيراني وقف هجومهم قبل قتل وتشريد المزيد من المدنيين الأبرياء» .
في السياق ذاته، أكد أمين عام حلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ، دعم الحلف لتركيا، وأنّهم يدرسون إمكانية فعل المزيد من أجلها.
جاء ذلك في مؤتمر صحافي في مقر الحلف في العاصمة البلجيكية بروكسل، عقب اجتماع طارئ للناتو بطلب من تركيا.
وأشار ستولتنبرغ إلى أنّ الاجتماع الطارئ جاء بطلب من وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، في اتصالهما أول أمس الخميس، وأن تركيا أطلعت في الاجتماع باقي أعضاء الحلف على الوضع الأمني الحرج في سوريا.
وأوضح ستولتنبرغ أنّ كافة أعضاء الحلف قدّموا تعازيهم لتركيا وأكدوا تضامنهم الكامل معها.
وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عبر عن قلق الاتحاد من «مخاطر مواجهة عسكرية دولية كبرى» في سوريا، وأكد أن الاتحاد سيتخذ «كل الإجراءات اللازمة لحماية مصالحه في مجال الأمن» .
وكتب في تغريدة على تويتر «من الضروري وقف التصعيد الحالي. هناك خطر انزلاق إلى مواجهة عسكرية دولية مفتوحة كبرى» .
إلى ذلك، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى وقف فوري لإطلاق النار في شمال غرب سوريا «قبل أن يخرج الوضع بالكامل عن السيطرة» .
ووصف التصعيد بأنه «إحدى أكثر اللحظات المثيرة للقلق» في الحرب.
وقال للصحافيين في نيويورك «في كل اتصالاتي مع الأطراف المعنية، لدي رسالة واحدة بسيطة: تراجعوا عن حافة مزيد من التصعيد» .