اسماعيل كايا / اسطنبول
اعتبر الجمعة يوماً أسود للاجئين الذين يحاولون عبور الحدود التركية نحو اليونان، وذلك بعدما قامت قوات الأمن اليونانية بضرب عشرات اللاجئين من جنسيات مختلفة وتعذيبهم جسدياً قبيل تعريتهم من ملابسهم بشكل شبه كامل، وإجبارهم على العودة إلى الجانب التركي الذي نشر قرابة 1000 عنصر من القوات الخاصة، وأطلق قنابل الغاز على القوات اليونانية لـ«منعها من الاعتداء على اللاجئين وإعادتهم بالقوة».
وتحدث لاجئون من سوريا والمغرب وأفغانستان عن «تعرضهم لعمليات ضرب وتعذيب من قبل قوات الأمن اليونانية عقب تمكنهم من اجتياز الحدود التركية، مؤكدين تعرضهم للضرب بالسياط والهراوات الحديدية والخشبية ما خلف في أجسادهم جروحاً وكسوراً مختلفة، ومن ثم التحفظ على أوراقهم الثبوتية وهواتفهم المحمولة وتعريتهم من ملابسهم بشكل شبه كامل وإجبارهم بالقوة على العودة إلى الجانب التركي من الحدود».
وأوضح اللاجئون أنهم تعرضوا لمعاملة قاسية جداً، معتبرين أن السلطات اليونانية تحاول ترهيب اللاجئين وجعلهم «عبرة» حتى لا يجرؤ باقي اللاجئين على تجاوز الحدود، وذلك في ظل استمرار إطلاق النار الحي والرصاص المطاطي وقنابل الغاز وخراطيم المياه ضد اللاجئين، حيث قتل خمسة لاجئين وأصيب العشرات خلال الأيام الأخيرة، حسب تصريحات للرئيس التركي رجب طيب اردوغان.
اردوغان يصف الغرب بـ«المنافق» ودعوات أوروبية لإقامة منطقة آمنة في إدلب
كما تواصلت اعتداءات السلطات اليونانية على طالبي اللجوء عبر البحر، وأكد لاجئون أن زوارقهم تعرضت لإطلاق نار ومضايقات من قبل خفر السواحل لمنع وصولهم للبر اليوناني وإجبارهم على العودة للأراضي التركية.
وقالت دائرة الهجرة التركية إنها وثقت اعتداءات وأعمال عنف استهدفت طالبي اللجوء والمهاجرين شملت الأطفال والنساء، ووصفتها بأنها «ممارسات غير إنسانية». واعتبرت أن «هذه الممارسات امتهنت القيم الإنسانية والأوروبية وحقوق الإنسان وكذلك القانون الدولي».
وبينما قال وزير الداخلية التركي إن عدد طالبي اللجوء الذين عبروا إلى اليونان من ولاية «أدرنة» تجاوز 142 ألف شخص، حتى ظهر الجمعة، اعتبر اردوغان أن الغرب «منافق جداً في موضوع اللاجئين، حيث سارع لمد يد العون إلى اليونان، بينما يتجنب تقاسم الأعباء مع تركيا».
وشدد على استمرار فتح الحدود بالقول: «لأمر بات محسوماً، فقد فتحنا الأبواب حالياً، وسيذهب اللاجئون إلى حيث استطاعوا، ونحن لا نجبرهم على مغادرة بلادنا».
وعلى الجانب التركي، نشرت أنقرة قرابة 1000 عنصر من قوات الشرطة الخاصة «لمنع إجبار طالبي اللجوء على العودة من قبل الجانب اليوناني والحد من المعاملة السيئة لهم»، فيما وثقت الكاميرات قيام هذه القوات بإطلاق عشرات قنابل الغاز على عناصر الأمن اليوناني الذين يحاولون منع اللاجئين من عبور الحدود.
إلى ذلك، اعتبرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، أن تعليق اليونان قبول طلبات اللجوء ليس له أي أساس قانوني بموجب القانون الدولي، فيما اقترح المستشار النمساوي سباستيان كروز، إنشاء «منطقة سلام» شمالي سوريا كحل لأزمة طالبي اللجوء، وذلك بعد دعوات من دول أوروبية مختلفة لإقامة المنطقة الآمنة في سوريا، لكن وزير خارجية الاتحاد دعا عقب اجتماع لوزراء خارجيته المهاجرين واللاجئين الذين يحاولون مغادرة تركيا إلى عدم التوجه نحو الحدود مع اليونان «لأنها ليست مفتوحة» بخلاف ما قيل لهم، على حد تعبيره.
كما استنكر «الاتحاد الدولي للحقوقيين» انتهاك السلطات اليونانية قوانين حقوق الإنسان في التعامل مع طالبي اللجوء، وخاصة من خلال إطلاق النار عليهم بسبب احتشادهم أمام حدودها.
جاء ذلك في بيان أصدره، أمس الجمعة، أمين عام الاتحاد المحامي نجاتي جيلان. وأشار البيان إلى أن تركيا بمجرد فتحها الأبواب أمام أكثر من 4 ملايين لاجئ كانت تستضيفهم منذ سنوات، توجه الآلاف منهم إلى حدود أوروبا، مما سبب الرعب لحكومات تلك الدول. وتابع: «إن النساء والأطفال الذين أجبروا على ترك بلادهم للنجاة بأرواحهم، يموتون على طريق الهجرة ويختنقون غرقا في البحار، وأجساد الأطفال ترتطم بالسواحل».
وشدّد على أن «الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي التي لم تر أو تسمع أو تشهد هذا الظلم وهذه المجازر والمذابح، تقف أمام وصول طالبي اللجوء إلى بلادها لاحتمال تأثر رفاهها الاقتصادي، وهي لا تعتبر طالبي اللجوء بشراً». وأوضح أن القوات الأمنية اليونانية فتحت النيران على طالبي اللجوء المحتشدين على حدودها، مما أسفر عن إصابة العديد من الأطفال والنساء ومقتل ثلاثة أشخاص.