اسماعيل كايا / اسطنبول
بدأت تركيا في اتخاذ وتطبيق قرارات متشددة ومتسارعة لمكافحة انتشار فيروس كورونا على أراضيها وذلك وسط خشية رسمية من تحول البلاد إلى إيطاليا ثانية وتوصيات على أعلى المستويات باتخاذ أعلى التدابير الاحترازية والوقائية اللازمة مهما كلف ذلك من تبعات اقتصادية لمنع انتشار الفيروس القاتل.
وعلى الرغم من أن تركيا تعتبر من أقل الدول حول العالم التي سجلت إصابات بفيروس كورونا حتى الآن، إلا أن خشية واسعة تسود الأوساط الرسمية والشعبية من أن الفيروس وفي حال انتشاره ستكون نتائجه كارثية وصعبة لا سيما في المدن المزدحمة وخاصة مدينة إسطنبول التي يعيش فيها أكثر 15 مليون نسمة وتشهد ازدحاماً كبيراً في الأماكن العامة ووسائل المواصلات.
وعلى غرار 83 مليون مواطن تركي، يتأثر بهذه التطورات قرابة 5 ملايين لاجئ سوري ومقيم عربي في تركيا، حيث يتابعون الإجراءات التركية المتبعة ويتأثرون بها عن قرب لا سيما القرارات المتعلقة بالسفر والتنقل والتوجيهات الصحية وغلاء الأسعار والتدفق على التسوق والمعابر الحدودية مع سوريا، وصولاً إلى الجو العام من الخوف والتوتر وصولاً للشائعات وغيرها الكثير من التفاصيل.
وأجمعت اللجنة العلمية العليا التابعة لوزارة الصحة والتي تعمل مع عدة وزارات أخرى على ضرورة اتباع إجراءات وقائية متشددة مبكراً وعدم الانتظار حتى تفشى المرض بشكل أوسع في البلاد، وسط تقديرات بأن إيطاليا كانت ضحية التأخر في اتخاذ إجراءات وقائية متشددة في البداية.
وسجلت تركيا رسمياً حتى يوم الإثنين 18 إصابة فقط بفيروس كورونا الجديد، ولم تسجل أي وفيات حتى الآن، على الرغم من انتشار الفيروس بشكل كبير في كافة دول الجوار لا سيما إيران التي تعتبر واحدة من أكبر بؤر انتشار الفيروس في العالم، وتقول أنقرة إنها اتخذت إجراءات وقائية متقدمة منذ بداية الأزمة.
وفي آخر القرارات، أعلن رئيس الشؤون الدينية التركي، علي أرباش، إيقاف صلوات الجماعة في مساجد البلاد، لتجنب انتشار فيروس كورونا حتى إشعار آخر، موضحاً أن القرار يشمل صلاة الجمعة وأن المساجد ستكون مفتوحة أمام الراغبين بالصلاة منفردين.
5 ملايين عربي في تركيا يتأثرون بالإجراءات الرسمية وقرارات حظر السفر
هذا القرار جاء عقب ساعات إصدار وزارة الداخلية تعميماً حول أنشطة أماكن الراحة والترفيه العامة، ينص على «إغلاق مؤقت للملاهي والنوادي الليلية والحانات وصالات الديسكو، كونها أماكن ستزيد من خطر انتقال الفيروس بين المواطنين»، وشددت على «ضرورة متابعة وتطبيق التعميم من قبل وحدات إنفاذ القانون في جميع الولايات والأقضية دون أي تأخير أو خلل».
وعقب تسجيل حالة إصابة من بين المعتمرين القادمين من السعودية، بدأت تركيا منذ أيام بعملية حجر صحي إجباري لجميع العائدين من السعودية، وشمل القرار في المرحلة الأولى أكثر من 10 آلاف معتمر جرى حجرهم في سكنات الطلبة الجامعيين بولايتي أنقرة وقونيا، فيما تجري استعدادات وتخصيص عدد من الأماكن الأخرى لحجر عشرات الآلاف من المتوقع عودتهم إلى البلاد حتى اليوم الثلاثاء.
وبسبب عدم التزام المواطنين بقرارات الحجر المنزلي، فرضت السلطات الحجر الصحي الإجباري على كافة العائدين إلى البلاد في الأيام الأخيرة، حيث وجهت وزارة الخارجية التركية إنذاراً أخيراً للأتراك في الخارج من أجل تسجيل أسمائهم والعودة إلى البلاد في موعد أقصاه نهاية اليوم الثلاثاء، على أن يتم وضع عشرات آلاف العائدين في الحجر الصحي الإجباري لمدة 14 يوماً.
وفي قرارات سابقة، قررت تركيا تعطيل المدارس لأسبوعين والجامعات لثلاثة أسابيع، وتعليق الرحلات الجوية مع 15 دولة أغلبها أوروبية عقب إغلاق المعابر الحدودية مع معظم دول الجوار، ويتم إجراء فحوصات طبية واسعة على العائدين قبيل وضعهم في الحجر الصحي.
وتعمل البلديات التركية المختلفة على القيام بعمليات تعقيب واسعة لكافة المرافق العامة في البلاد لا سيما خطوط المواصلات العامة ومحطات المترو والقطارات وعربات التكسي، كما نشرت البلديات مواد التعقيم في الأماكن العامة، ووصل الأمر لغسل الساحات والطرقات بالمياه والصابون، وتعقيم ألعاب الأطفال في الأماكن العامة.
وعلى غرار باقي دول العالم، شهدت البلاد حالة من الخوف والقلق وانكب السكان على التسوق بشكل غير مسبوق لتخزين المواد الغذائية والصحية ومواد التعقيم، وامتنع الكثيرون عن التوجه إلى أعمالهم، وبينما لم تعلن الحكومة بعد وقف العمل في الدوائر الحكومية، أصدرت قرارات بمنح إجازة للموظفين من المرضى والمعاقين وكبار السن، فيما بدأت شركات القطاع الخاص بمنج إجازات لموظفيها أو الانتقال لآليات العمل المنزلي عن بعد.