دعا وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات عزيز أخنوش بداية هذا الأسبوع، الجماعات الترابية إلى بذل المزيد من المجهودات قصد إعادة تأهيل اسواق الجملة، مشيرا إلى أن ذلك من الأولويات التي يجب عليها أن تقوم به وبلادنا تستعد للرفع الجزئي وبشكل تدريجي للحجر الصحي، والاستعداد لمرحلة ما بعد كورونا.
ونبهنا عزيز أخنوش، بأن هذه المجالس المنتخبة التي تغط في سبات عميق، عاجزة عن مواكبة كل الجهود الرامية للخروج من الوباء، منها إعادة تأهيل المجازر وأسواق الجملة، التي أصبح اليوم من الضروري تنظيمها، وتابع كلامه بالقول، “أدعو مختلف الجماعات الترابية لبذل مزيد من المجهود، والتعاون معنا وبذل جهود في إطار تحديث وعصرنة أسواق الجملة التي تكتسي أهمية بالغة، بالنظر للخدمات التي تقدمها للساكنة “.
لقد أثارني جدا كلام عزيز أخنوش، واستفزني وهو يتحدث بحرقة، عن الوضع المزري لفئة مهمة وعريضة من الساكنة النشيطة بالمغرب، وهم إخواننا الفلاحين، هذا الأمر أثارني الحديث عن أي دور للمجالس المنتخبة في زمن كورونا، وما بعدها؟، هل تخلت مجالسنا المنتخبة عن أدوارها ليحل محلها دور يتيم وهو تعقيم الشوارع والأزقة، والحال أنها فوضت تدبير قطاع النظافة لشركات تدبر هذا الأمر لتتفرغ هي لما هو اكبر!!
ما نراه اليوم بشكل أساسي وملحوظ هو تراجع واضح وبين لدور المجالس المنتخبة، الذي يحيلناعلى سؤال هام بات يطرحه البيضاويون اليوم أين اختفى عمدة مدينتنا المنحدر من مدينة الرشيدية!!!؟، الذي لم نسمع له ركزا، ولا من قبل سميا، وباستثناء آخر ظهور له قبل شهر، ليبعث برسالة اطمئنان ملغومة، إلى ساكنة العاصمة الاقتصادية، تؤكد حسب قوله :”الكل مجند ويقوم بأدواره من أجل تأدية الواجب بالميدان”، ليكون منتهى أمله وأقصى طموحه، أن “الجماعة تعرف انخراطا وتعبئة عالية من طرف المنتخبين والموظفين من أجل القيام بالواجب ومن أجل تقديم الخدمات الضرورية لساكنة الدار البيضاء، وهذه الخدمات تهم مكاتب حفظ الصحة بجميع المقاطعات وعمال النظافة والخدمات التي توفرها فرق شركة الدار البيضاء للبيئة أو وحدات الشرطة الإدارية أو غيرهم من المتدخلين سواء في مجالات التحسيس أو التطهير أو التعقيم أو غيرها”.
عمدتنا بهذه الاختصاصات اليتيمة سامحه الله، وهو المنتخب الذي يتقاضى تعويضات مهمة، دفعته لكي يسمح في رئاسة مؤسسة التعاون بين الجماعات، ويقدم استقالته منها، حتى يحافظ على تعويض سمين بالبرلمان، ويضيف عليه تعويض رئيس الجماعة الحضرية، هو نفسه العمدة الذي أختار أن يكون ضعيفا في أدائه ويحذو حذو، رئيس الحكومة وزعيم حزبه الأغلبي، الذي لا يريد امتلاك خطة إنقاذ وإقلاع اقتصادي وينفي القدرة على وضع اي تصور، والحال أننا اليوم ووفق كلام عزيز أخنوش فقد باتت الجماعات المنتخبة، مطلعة بأدوار هامة تنمويا من أجل بعث الروح الاقتصادية والتنموية، ومواجهة تحديات هذه الجائحة العالمية، التي شلت اقتصادات العالم واصابتها في مقتل.
عمدة مدينة الدار البيضاء، لم يستطع أن يتجاوز عتبة ما قامت به العديد من المجالس المنتخبة بتخصيص اعتمادات استثنائية لتغطية المصاريف الطارئة، المتعلقة بمكافحة آثار الوباء، نظير مواد التعقيم ومستلزماته، والمساعدات الغذائية، ووسائل التعليم عن بعد، ومستلزمات ومعدات صحية، في الوقت الذي نرى فيه أن خطة الخروج من الحجر الصحي، وعودة الحياة الاقتصادية، القطب المالي للمملكة تتطلب جرأة كبيرة على التفكير، والابداع وابتكار الحلول الناجعة، من أجل دعم جهود الدولة والمجتمع، وليس الاكتفاء والتعذر والاختباء، وراء قرار وزارة الداخلية، “إرجاء دراسة القضايا المستعجلة إلى دورات إستثنائية، يمكن عقدها عند الإقتضاء بعد إعلان رفع حالة الطوارئ الصحية”، حتى يكون هذا القرار الاحترازي ذريعة ومبررا لعجز العمدة ومجلسه الأغلبي، ولا يضطلع بمهامه كاملة، خصوصا بعد إعلان عدد من القطاعات الحيوية الشروع في إجراءات الرفع التدريجي للحجر الصحي، التي فرضها المغرب بسبب تفشي فيروس “كوفيد19″، من خلال مراسلة مصالحها وتعميم دليل توعوي صحي شامل من أجل العودة بشكل تدريجي إلى الحياة الطبيعية، فأين هو دور مجلس هام كمجلس العاصمة الاقتصادية والقلب النابض لشرايينها الحية في الاقتصاد، فلا نكاد نشاهد خطوات عملية تواكب مجهودا الدولة، لكي ندعم خطة الانقاذ الإقتصادي وعودة الحياة.
إنه باعتقادنا تساؤل مشروع، يلقي بظلاله على أهمية دور المجالس المنتخبة في تدبير هذه الجائحة، على إعتبار أن تدبيرها قائم على خدمات القرب؟ ووضع خطة اقتصادية وتنموية وعلى مزيد من العناية إلى مرافق الدارالبيضاء التي طال أمد أشغالها، حتى يئسنا من فتحها، وهي خاوية على عروشها تنتظر من ينقذها من حال الموت البطيء، حتى لا تتحول إلى أطلال لا قدر الله، فيكون مصيرها الإهمال والنسيان، فمن له مصلحة تغييب دور هذه المجالس المنتخبة!!؟، وحجر أدوارها المنصوص عليها تنظيميا وقانونيا، التي يمكن أن تحد من انتشار الفيروس؟ فلا يمكن تبرير عجز عمدة البيضاء ومجلسه الأغلبي، بمبررات واهية، لنرهن مستقبل المدينة، وازدهارها، ونركن إلى عجز هذا العمدة، والحال أن الاختصاصات الموكلة للجهات والجماعات والأقاليم، بمقتضى القانون هوالتنمية الاقتصادية، والبيئة، بالإضافة إلى الاختصاصات المشتركة بينها وبين الدولة بشكل تعاقدي كالتنمية الاقتصادية ويدخل ضمنها البحث العلمي التطبيقي ثم اختصاص التنمية القروية (تأهيل العالم القروي) ثم البيئة والسياحة…الخ، اضافة إلى الاختصاصات القابلة للنقل من الدولة كالتعليم والصحة، والعمل على تقديم خدمات القرب للمواطنات والمواطنين في إطار الاختصاصات المسندة، كل ذلك في إطار استراتيجية مندمجة ومنسجمة مع التوجهات الاستراتيجية للدولة، ومتناسبة مع المؤهلات والخصوصيات، على الاقل على المستوى النظري.
لقد أثبت ضعف هذه المجالس، من خلال تجربة جائحة كورونا، هو التعطيل المتعمد لمسؤولين تنازلوا عن اختصاصاتهم، طواعية، وعن قدراتهم التدبيرية اثناء حالة الطوارئ خصوصا في الجانب الاقتصادي والتنموي، الوضع الاستثنائي التي تعيشه البلاد، لا يمكن أن يكون مسوغا للضعف، والتواري عن أنظار الساكنة و الاكتفاء بعقد ندوات حزبية عن بعد، لنتحدث عن أدوار باتت معطلة لمجالس فاشلت في تدبير زمن كورونا، وهي عاجزة اليوم أيضا عن تدبير ما بعدها، ودولتنا تستعد لرفع الجزئي للحجر الصحي والعمل على دعم حركة الاقتصاد، فهذا الأمر باعتقادنا لا يمنع من مشاركة الجماعات الترابية في تفعيل اختصاصاتها المرتبطة بالظرفية الصحية التي تجتازها بلادنا، حتى نتمكن من اختبار قدراتنا التي تتمتع بها مدينة من حجم الدارالبيضاء، وننهض من خلال مهاراتنا التدبيرية، وقدرتنا على إدارة الأزمات، ولا تكون مجالسنا المتخبة مجرد مكاتب مكيفة نشاهد فيها عمدة المدينة وهو يخاطبنا عن بعد، ولم يكلف نفسه عناء وضع خطة لدعم جهود إنقاذ مدينتنا من سكتتها القلبية.
ما الذي منع أو يمنع عمدة البيضاء، من تحويل اعتمادات الميزانية من فصول لسنا بحاجة إليها، كتنقل الرئيس والأعضاء خارج الوطن مثلاً، والأخرى المخصصة للحفلات والمهرجانات والتغذية والإقامة لدعم ساكنة الجماعة، في الجانب الصحي والاقتصادي والثقافي الذي يعاني من غياب شبه تام لخطة إصلاح وترميم المآثر ودعم الفنون التشكيلية، وكافة الفنون الاخرى، حتى أصبحنا نخشى اليوم أن نعلن عن رفع الحجر الصحي خوفا من غياب تام الفضاءات والمساحات الخضراء، لأن مدينتنا ذات الكثافة السكانية العالية، ستنعاني من غياب متنفسات، قد تعطل خروج ساكنتها بسبب بسيط وهو أن مجلس المدينة ومجالس المقاطعات، عجزوا عن توفير هذه الفضاءات والعناية بها حتى نجدها متنفسا صحيا لخروج وتنزه البيضاويين، ولممارسة رياضاتهم المفضلة في أجواء من التباعد الاجتماعي، كما هو منصوص عليه في خطة السلامة الصحية الواجب الالتزام بها بعد رفع الحجر الصحي.
لقد كان عمدة مدينة الدار البيضاء عبد العزيز العماري، فخورا ربما وهو يعلن عن اول قرار شجاع من طرفه، يعلم فيه عن توقف كل الأنشطة التي تختضنها المركبات والقاعات الرياضية وملاعب القرب والمراكز الثقافية والسوسيواجتماعية والمكتبات والخزانات الجماعية بالمدينة حتى إشعار آخر بسبب كورونا، ولقد صدق عمدتنا الذي يجهل حتى أماكن تواجد بعض الأحياء في العاصمة الإقتصادية فالرجل يبقى عمدة محدود الاختصاصات والتفكير والمبادرة إلى إشعار آخر، حتى يجود علينا الزمان لمسؤولين اكفاء ينقذون مدينتنا من التحديات والتداعيات الاقتصادية والتنموية، التي تواجهها لا محالة، إن نحن أصررنا على الفشل والاستمرار فيه لمجرد اننا احببنا كراسي التسيير، ونحن فاشلون وعاجزون في التدبير.