بقلم/ سفير جمهورية أذربيجان لدى المملكة المغربية السيد أوكتايقربانوف
ارتبط تاريخ أذربيجان في العقود الثلاثة الأخيرة بشخصية حيدر علييف إلى جانب نهضة الشعب في شتى المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية ويعتبر يوم 15 يونيو من الأيام الراسخة عند الشعب الأذربيجاني حيث كان منعطفا مصيريا في حياته الذي أعاد له استقلالية القرار السياسي في شهر أكتوبر عام 1991 ومنذ ذلك الوقت والجمهورية الاذربيدجانية تتبع نهجا تصاعديا في سياساتها واقتصادها، وضع أسسها الزعيم القومي حيدر علييف وأخذ عنه المشعل بكل اقتدار فخامة الرئيس السيد إلهام علييف، وعلى هذا النهج استطاعت أذربيجان الحفاظ على استقلالها السياسي والاقتصادي
وفي عز الأزمة استجاب ابن حيدر علييف للدعوات المتكررة التي وجهها إليه الشعب الأذربيجاني و مختلف الدوائر والمؤسسات الحكومية من أجل الحضور إلى العاصمة باكو من ناختشيفان في 9 يونيو 1993حيث جنب حيدر علييف في وقت قياسي البلاد من حرب أهلية محققة والوصول إلى حل جملة من المشاكل الملتهبة،الشيء الذي جعل الشعب الاذربيدجاني يلتف حوله إلى جانب القوى الوطنية ويكون محطة إجماع في استحقاقات 15 يونيو 1993 التي خرج منها رئيسا للمجلس الأعلى لجمهورية أذربيجان، ومنذ ذلك التاريخ أصبح عيداً وطنياً تتوارثه الأجيال وأطلق عليه يوم الإنقاذ الوطني.
والتحول الذي حققه الزعيم القومي لأذربيجان في الفترة الممتدة من 1969 إلى 1982 في أول ولاية له واستحضاره مأساة 20 يناير 1990م في ندوة صحفية عقدها بمندوبية أذربيجان من قلب موسكو واتخاذه موقف بشأنها ما زاد من شعبيته وتعلق الشعب الاذربيدجاني به، إن ما اتخذه حيدر ألييف من مواقف التي أفنى حياته في خدمة وطنه وشعبه الذي حول الجمهورية الشابة المستقلة في وقت قياسي إلى دولة مؤثرة في الساحة الدولية رغم المخاطر التي تتمثل في الحرب مع أرمينيا حيث كانت كلها ظروف تهدد الاستثمار الخارجي لولا الحنكة السياسية للزعيم حيدر ألييف والتي تجسدت بتوقيع اتفاقيات نفطية أطلقت عليها “معاهدة القرن” بتاريخ 20 شتنبر 1994 أخرجتها من عنق الزجاجة وأهلتها في التموقع في الساحة الدولية، كلها أحداث نقشها الزعيم القومي بمداد من ذهب في سجل التاريخ.
كما عرفت جمهورية أذربيجان منعطفا جديدا من الإصلاحات الذي شمل كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقضائية وكذا الهيكلة الحكومية والموارد البشرية تحت قيادة فخامة الرئيس السيد إلهام علييف الذي أخذ المشعل عن خلفه الزعيم الوطني حيدر علييف وواصل بحماس استراتيجية التنمية المستدامة وبرامج الإصلاحات التي أهلتها إلى تجاوز المرحلة الصعبة حيث استطاعت آن تتقدم على العديد من الدول التي كانت في الأمس القريب رائدة في مجال التنمية على مدى عقود لتصبح أذربيجان أول دولة اختتمت المرحلة الانتقالية ما بعد اتحاد السوفيتي الشيء الذي جعل الجمهورية على مرمى الإشادة من طرف البنك العالمي والبنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية .
كما أن بصمة رئيس جمهورية أذربيجان السيد إلهام علييف على مدى السنوات الـ 17 الماضية كانت حاضرة في إنجازات لا يستهان بها في مجال الحوار بين الثقافات والتعددية الثقافية التي أصبحت تقليدا مثاليا تنهجها البلاد
والجدير بالذكر أن أذربيجان منذ 2003 خطت خطوات كبيرة في تعزيز قدراتها الاقتصادية حيث تضاعف الاقتصاد بنسبة 3.2 في المائة ، والاقتصاد الغير النفطي بــ 2.8 في المائة ، والصناعة 2.6 في المائة، والزراعة 1.7 في المائة ، والصادرات غير النفطية 4.1 في المائة.
وفي 2004 بلغ إجمالي احتياطيات العملة الأجنبية لأذربيجان 1.8 مليار دولار، وحاليا تجاوزت 51 مليار دولار. وعلى مدى هذه السنوات تم استثمار أكثر من 270 مليار دولار في الاقتصاد الاذربيجاني، ونصفها تقريبا من الاستثمار الأجنبي.
وفي نفس السياق في 2006 تم تنفيذ برامج ضخمة تهم المجالين النفط والغاز على سبيل المثال لا الحصر مشروع “باكو – تبليسي – جيهان” الذي كان حدثا تاريخيا من جهة تمثل في تصدير نفط بحر قزوين لأول مرة إلى أسواق البحر الأبيض المتوسط ومن جهة أخرى خط الأنابيب فتح طريقا وممرا جديدين ومهمين، وكذلك مشروع “باكو – تبليسي – أرضروم” لأنابيب النفط والغاز في 2007.
كما أنه وفي السنوات الأخيرة لوحظ اكتساح السياسة الخارجية الأذربيجانية حيث أصبحت أذربيجان عضو في عدة منظمات دولية وإقليمية نذكر منها منظمة الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبي والمجلس الأوروبي، وغيرها من المنظمات الدولية الاخرى، كما ترأست في 2019 مجلس التعاون للدول الناطقة باللغات التركية وحركة عدم الانحياز التي انعقدت في العاشر من شهر أبريل الماضي و قمة طارئة للمجلس وفي 4 مايو المنصرم وبمبادرة من رئيس الجمهورية السيد إلهام علييف بصفته رئيسا للحركة عقد اجتماع القمة عن بعد لمجموعة الاتصال لمنظمة حركة عدم الانحياز في موضوع “نحن معا ضد عدوى فيروس كورونا المستجد كوفيد 19” الذي قدم من خلالها المعطيات عن التدابير الاحترازية والوقائية الضرورية لمحاربة تفشي فيروس كورونا المستجد في اذربيجان وفي موضوع مكافحة الوباء العالمي، كما تقدم فخامة الرئيس إلهام علييف باقتراح مفاده انعقاد الدورة الخاصة عن بعد للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة على مستوى رؤساء الدول والحكومات، في موضوع مكافحة الوباء العالمي حيث صنف المتتبعون هذه القمة بالاجتماع التاريخي بحكم الحلة الجديدة للقاءات عبر تقنية الفيديو عن بعد.
وفيما يتعلق بالدبلوماسية الموازية لعبت ولا زالت السيدة الثانية في هرم السلطة النائبة الأولى لرئيس جمهورية أذربيجان السيدة مهربان علييفا دورا طلائعيا حيث ساهمت بفعالياتها متعددة الجوانب في التنمية الشيء الذي جعلها تحضا باحترام وتقدير المنظمات الدولية الذي نتج عنه حصولها على لقب سفيرة النوايا الحسنة لليونسكو و الإيسيسكو.
كما أنه لا يمكن الحديث عن التنمية والإصلاحات دون استحضار الإكراهات والتي تتمثل في احتلال أرمينيا ل 20 في المائة من أراضي أذربيجان تشمل إقليم قراباغ الجبلي الأذربيجاني والمحافظات السبع المجاورة له الذي يعتبر من النقط السوداء وأخطر تهديد لأمن الدولة علما أن الاحتلال أوقع أكثر من مليون ضحية أذربيجاني بين لاجئ ومشرد ونازح قسرا وتعرض الأراضي المحتلة للتطهير العرقي والنهب والسلب والاغتصاب المادي والمعنوي وتدمير المساجد والآثار الثقافية والتاريخية الإسلامية.
وتجدر الإشارة أن التصريحات الأخيرة لما يسمى بوزارة خارجية الدولة الوهمية أرمينيا التي حاولت اتهام أذربيجان بخطاب الكراهية تضرب مرة أخرى عرض الحائط القرارات التي اتخذتها الهيئات الدولية وتسعى إلى تضليل الرأي العام الدولي من خلال ذر الرماد في العيون وصرف الأنظار عن سياستها العنصرية وجرائم الكراهية و انتهاكات حقوق الإنسان والحريات الأساسية لمئات الآلاف من الأذربيجانيين.
كما أن القرارات الأربعة (822 و853 و874 و884) الصادرة عن مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة والقرارات الصادرة عن المجلس الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي خير دليل أساسي وقانوني للدفاع عن الموقف العادل لجمهورية أذربيجان في المحافل الدولية وتدعم القرارات الصادرة عن البرلمان الأوروبي واجتماعات قمة الناتو في الوحدة الترابية لأذربيجان مع ضرورة وقف الاحتلال الأرميني.