خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس، إلى الأمة المغرببة، بمناسبة الذكرى الـ67 لثورة الملك والشعب، حمل معان عظيمة، مستوحاة من دروس النضال والوطنية، التي خلفها المغاربة ملوكا وشعبا، في ذكرى ثورة الملك و الشعب، ومن ثم دعا جلالته وبلادنا تمر من أصعب الأيام، أن نكون “أكثر حاجة لاستحضار قيم التضحية و التضامن و الوفاء، التي ميزت هذه الذكرى المجيدة، لتجاوز هذا الظرف الصعب”. ومن هنا فإن المطلوب اليوم، ونحن نواجه تحديات هذه الجائحة اقتصاديا واجتماعيا، التي ستكون عواقبها وخيمة، أن نستحضر كل قيم التعاضد، والمسؤولية المشتركة التي تقع على عاتق كل مغربي وطني وغيور، فلا مجال للإستهثار أوالتقاعس، لأن المجتمع المغربي لم يجسد معاني التضحية والثورة الحقيقية، إلا بالتماسك والتضحية.
جلالة الملك، حرص على تمرير رسائل هامة، لا تدعو إلى الخوف او القلق من المستقبل، بقدر ما تحمل كل معاني التعبئة والتضحية، والنهوض من أجل حماية الوطن، والحفاظ على سلامته وسلامة مواطنيه من رعايا صاحب الجلالة، فجلالته ” واثق بأن المغاربة، يستطيعون رفع هذا التحدي، و السير على نهج أجدادهم، في الالتزام بروح الوطنية الحقة، وبواجبات المواطنة الإيجابية، لما فيه خير شعبنا وبلادنا”، فعلى حد تعبير جلالته حفظه الله “فتاريخ المغرب حافل بهذه المواقف و الأحداث الخالدة، التي تشهد على التلاحم القوي بين العرش و الشعب، في مواجهة الصعاب”.
إن الخطاب الملكي، اليوم، بقدر ما دق ناقوس الخطر ونبهنا لخطورة الوباء وتداعياته الصعبة، التي حذرنا منها في كل مناسبة، فإن خطاب جلالته، يحمل في ثناياه، ليس فقط المؤاخذة أو العتاب، بل هو اسلوب صريح من جلالته طريقة مباشرة، للتعبير لشعبه عن تخوفه، لأنه راع ومسؤول رحيم برعيته، يمنحهم العطف والحب والرعاية، لهذا فهو حذر من استمرار ارتفاع عدد الإصابات والوفيات، لا قدر الله، و الرجوع إلى الحجر الصحي الشامل، بآثاره النفسية و الاجتماعية و الاقتصادية، فالصراحة التي تحدث بها جلالته لا تعني التشاؤم، بقدر ما تعني التفاؤل في غد افضل، تتكاثف فيه معان التضحية والاستنفار من أجل الحفاظ على سلامة الوطن ومواطنيه، فمسؤولية جلالته تحتم عليه، أن يخاطب شعبه بصراحة، ويبعث في نفوس المواطنين روح المسؤولية الوطنية العالية.
ومن هنا فدعوة جلالته بالموازاة مع الإجراءات المتخذة من طرف السلطات العمومية، فقد دعا كل القوى الوطنية، للتعبئة و اليقظة، و الانخراط في المجهود الوطني، في مجال التوعية و التحسيس وتأطير المجتمع، للتصدي لهذا الوباء، لأنه كما قال جلالته ” إنه بدون سلوك وطني مثالي و مسؤول، من طرف الجميع، لا يمكن الخروج من هذا الوضع، و لا رفع تحدي محاربة هذا الوباء”، ومن تم فهذا خطاب تعبوي وتضامني يبث من جديد روحا إيجابيا من أجل الحفاظ على الوطن وعلى سلامة وصحة مواطنيه، فهي تعبئة مستمرة لا تقل أهمية عن كل الإجراءات التي تباشرها الدولة المغربية، فدلالات الخطاب تؤكد على تضافر الجهود المبذولة وتقوية الجبهة الداخلية حفاظا على سفينة الوطن التي تحمل فوق ظهرها شعبا أبيا، لا يمكن المخاطرة بمستقبله، أو المس بسلامة صحته، التي تعتبر الرأسمال الحقيقي، التي وجب الحفاظ عليها حفاظا على الموارد البشرية وكفاءات وشباب وشابات بلادنا العزبزة.
بقلم : عبد الرزاق الزرايدي بن بليوط، رئيس مجموعة رؤى فيزيون الإستراتيجية، ورئيس مكتب غرفة التجارة البرازيلية المغربية الإفريقية بالمغرب