عرف المشهد الإعلامي المغربي خلال السنوات الأخيرة، ظهور عدد من المواقع الإلكترونية التي تطلق على نفسها صفة “الصحافية” أو “الإخبارية”، وصاحب (هذا الظهور)، ارتفاع تجاوزاتها وخروقاتها في الجوانب المتعلقة بأخلاقيات العمل الصحافي وقواعده المهنية.
فتح “الانفجار الرقمي” والارتفاع المتزايد لمستعملي الإنترنت بالمغرب، الباب أمام مواقع إلكترونية للتناسل كالفطر والبحث الدؤوب لتحقيق أعلى نسب المشاهدة والنقر، وبالتالي أكبر ربح مادي، ضاربة عرض الحائط بضوابط الممارسة الصحافية ووظائف الرسالة الإعلامية وأهدافها.
ومن خلال سعيها وراء الإثارة “الحصرية” والفرجة الجماعية، لطالما خلقت هذه المواقع الجدل في أوساط المتابعين والمهتمين بالحقل الإعلامي الوطني، إذ “تبدع” في كل مرة وتتفوق على نفسها في إنتاج مواد “إعلامية” صادمة، أمام حجم التفاهة والعبث الذي تذهب إليه وفي أحايين أخرى الحضيض الذي تنزل إليه، دونما أي انشغال بالقضايا الحقيقية التي تهم حياة المواطنين.
أمام الانتقادات الواسعة الموجهة إلى هذه المواقع، التي تسيء إلى العمل الصحافي ولا يحترم خطابها ذكاء المتلقي، تطرح أسئلة عن أسباب هذا الانتشار، إن كان نتيجة حتمية للتطور التكنولوجي، أم أن تقهقر أدوار الصحافة التقليدية ومكانتها أفسح المجال لتقويتها، أم أن استغلالها معاناة الآخرين وتلاعبها بعواطف متابعيها مكنها من بناء قاعدة جماهيرية واسعة.
جرى استحداث هيئة وطنية لتنظيم الصحافة بالمغرب من طرف مهنيي القطاع، أطلق عليه “المجلس الوطني للصحافة”، حيث يروم المجلس “تطوير حرية الصحافة والنشر والعمل على الارتقاء بالقطاع في المغرب، واحترام قواعده وأخلاقياته، ونشر المجلس في وقت سابق، ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة، الذي ينقسم إلى أربعة محاور: المسؤولية المهنية، والمسؤولية تجاه المجتمع، والاستقلالية والنزاهة، والحماية والحقوق.
ويضم الميثاق الذي أعده المجلس مجموعة من الالتزامات الأخلاقية اللازم أن يتملكها مختلف هيئات التحرير، غير أن تطبيقه لا يزال معلقاً، في انتظار أن تفرج الحكومة عن النظام الداخلي للمجلس.
“جسر بريس” يطرح السوال ، هل الميثاق سينظم أخلاقيات المهنة أمام الظواهر السلبية التي يعرفها القطاع، ذلك أنه سيكون ملزِماً للجميع ومن شأنه أن يعطي المجلس صلاحية التحرك والتصدي للخروقات الحاصلة، كونه اليوم لا يستطيع البت فيها والتحرك خارج القانون”.