يخطو المغرب بثبات، ليفرض نفسه رقما صعب في مجال الطاقة، ليس على الصعيد الإقليمي والقاري فقط، بل أيضا على الصعيد العالمي، وذلك بعد نجاحه في تصدير الكهرباء الى كل من أوروبا وإفريقيا، في وقت تشير فيه تقارير وثيقة، الى قدرته على تجاوز ذلك صوب تزويد القارة الأمريكية مستقبلا.
وخلال السنتين الأخيرتين، زادت صادرات المغرب، وإنتاجه للكهرباء بنسبة 36.5٪ و 5.3٪ على التوالي مع نهاية عام 2020.
ليشرع بذلك في قطف ثمار استراتيجية الطاقة الشمسية، التي أطلقها الملك محمد السادس، من خلال محطات نور 1 ونور2 ونور 3 ونور4 بورزازات، زيادة على محطات أخرى لتوليد الطاقة الكهرومائية والريحية.
كل هاته المؤهلات، ستمكن المغرب من ضمان دخل طويل الأمد، عبر تصدير الكهرباء النظيف، لاسيما وأن الطقس المشمس والظروف المناخية الملائمة، يجعلان منه مكانا مثاليا لإنتاج هاته الطاقات.
نمو مضطرد في الصادرات المغربية من الكهرباء
تمكن المغرب خلال عام 2021، من تصدير ما ينهاز 851 جيغاواط من الكهرباء بقيمة 565 مليار درهم، فيما يواصل تنويع طاقاته بعيدًا عن الوقود الأحفوري.
ومع مطلع عام 2022، زادت صادرات الكهرباء بنسبة 700٪ مقارنة بالعام السابق، بينما زادت الواردات بنسبة 20٪ فقط لتصل إلى 688 جيجاوات ساعة، وقد تحققت هذه الزيادة بعد شروع المغرب في تشغيل محطتين “فوطوفولطيتين” للطاقة الشمسية في كل من زاكورة وميسور بالإضافة إلى محطة تافيلالت للطاقة الشمسية الكهروضوئية، ثم مزرعة الرياح بالوليدية.
الكابل الكهربائي بين المغرب والمملكة المتحدة
خلال أشهر قليلة سيكون المغرب قادرا على تزويد 7 ملايين مزل في بريطانيا بالكهرباء، وذلك عبر كابل بطول 3800 كيلومتر تحت البحر، لنقل الكهرباء الذي سيتم انتاجه، من الطاقات المتجددة المتأتية من الطاقة الريحية والشمسية.
مشروع عملاق، سيصبح بعد الانتهاء من إنشائه، أطول كابل تيار مباشر بجهد عالٍ (HVDC) في العالم.
وسيتم تشغيل مسار الكابل المقترح في المياه الضحلة على طول سواحل شمال المغرب والبرتغال وشمال إسبانيا قبل عبور خليج بسكاي وينتهي أخيرًا في جنوب إنجلترا.
كما سيتم دعم سعة التوليد من خلال نظام تخزين ضخم للبطارية بسعة 20 جيغاوات في الساعة. ستتكون بشكل أساسي من بطاريات الليثيوم أيون وستعوض التقلبات في توليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وهذا من شأنه أن يجعل من الممكن توفير الكهرباء لأكثر من 20 ساعة في اليوم .
تعزيز مكانة المملكة المغربية إقليميا وقاريا ودوليا
لا شك في أن هذه الريادة المغربية، في مجال انتاج الكهرباء وتصديره، اعتمادا على المولدات النظيفة، سيكون لها تأثير إيجابي من خلال استثمارها في تعزيز الموقف التفاوضي والترافعي للمملكة، عبر تسخير “دبلوماسية الطاقة”، بما يخدم “قضاياها الوطنية الكبرى” وفي مقدمتها قضية الصحراء المغربية.
من جهة أخرى، ستساهم هاته الريادة أيضا، في تحسين أداء الاقتصاد الوطني، والرفع من تدفقات العملة الصعبة إلى المغرب.
وضمن هذا الإطار، تشير أرقام مكتب الصرف، إلى أن صادرات المغرب من الكهرباء خلال عام 2020 فقط، ساهمت في جلب ما يناهز 356 مليار درهم.