عزالدين السريفي، رئيس التحرير والاعداد
شكّل تكليف زعيم حزب العمال الاشتراكي، بيدرو سانشيز، بتشكيل حكومة جديدة في إسبانيا، من طرف الملك فيليبي السادس، خبرا غير سار بالنسبة للجزائر ومعها جبهة “البوليساريو” الانفصالية، حيث كان يحذوهما الأمل بسقوط سانشيز وتولي زعيم سياسي إسباني آخر للحكومة، بالنظر إلى أن سانشيز هو الذي يقف وراء دعم مدريد لمغربية الصحراء عبر قرار اتخذه العام الماضي خلال فترته الرئاسية المنتهية حاليا.
وكان أمل الجزائر وجبهة “البوليساريو” كبيرا بعدما تم تكليف زعيم الحزب الشعبي، ألبيرتو نونيز فييخو، بتشكيل الحكومة، بعدما تصدر حزبه للانتخابات الإسبانية العامة التي نُظمت في 23 يوليوز الماضي، دون تحقيق الأغلبية الكافية، لكن بفشله في محاولتين للحصول على الأغلبية عبر التصويت في البرلمان، يكون نصف أمل الجزائر والبوليساريو قد ضاع بشكل رسمي.
وكان “بروفايل” زعيم الحزب الشعبي، مناسبا تماما لما تأمله الجزائر والجبهة الانفصالية، خاصة أن فييخو أعرب مرارا عن معارضته للقرار الذي اتخذه سانشيز في مارس 2022، عندما أعلن دعم إسبانيا لمقترح الحكم الذاتي للصحراء تحت السيادة المغربية، وكانت تصريحاته تشي بأنه قد يتخذ خطوة التراجع عن هذا القرار.
وقطعت الجزائر علاقاتها الديبلوماسية وحتى الاقتصادية مع مدريد بعد تغيير الأخيرة موقفها من قضية الصحراء، من الحياد إلى دعم المغرب، ووضعت تراجع إسبانيا عن موقفها الجديد في هذه القضية، كشرط لاستعادة الروابط مع الجارة الشمالية، وهو ما كان ينوي فييخو الذهاب إليه، وفي نفس الوقت كان هو أمل الجزائر لتحقيق ذلك.
وفي حالة إذا نجح بيدرو سانشيز في مسعاه لتشكيل الحكومة الجديدة بعد تكليفه من الملك البلاد أمس الثلاثاء، فإن ذلك يعني استمرار دعم مدريد لمقترح الحكم الذاتي المغربي للصحراء، وقد يعني أيضا استمرار الأزمة مع الجزائر، مما يزيد من عزلة الأخيرة في محيطها الإقليمي، إلى جانب أزمتها مع المغرب.
ووفق تحليلات العديد من التقارير الإعلامية الإسبانية، فإن سانشيز يبدو هو الأقرب إلى تشكيل الحكومة الإسبانية، في ظل وجود إمكانية إقناع الأحزاب الرافضة للتحالف مع فييخو، في الانضمام إليه في تحالف جديد لتشكيل الحكومة، حيث لا توجد أي مشاكل إديولوجية بين حزب سانشيز وباقي الأحزاب الأخرى، عدا الخلاف مع بعض الأحزاب الكطالونية التي تطالب بانفصال إقليم كطالونيا عن إسبانيا.
وحسب نفس المصادر، فإن سانشيز يُمكنه الحصول على أصوات الكتلة اليسارية بسهولة وهي 169 صوتا، وبالتالي تتبقى له 7 أصوات لتحقيق الأغلبية، وهذه الأصوات المتبقية توجد لدى الأحزاب المطالبة بالاستقلال في إقليم الباسك وكتالونيا، وهو ما سيفرض على سانشيز بدء مرحلة عسيرة للتفاوض معها وإقناعها.
غير أن سيناريو فشل بيدرو سانشيز في تشكيل الحكومة ليس مستبعدا، خاصة إذا تعنتت الأحزاب الكطالونية في مطالبها المتمثلة في الانفصال ورفع الحظر ومذكرات الاعتقال على زعمائها، وهو ما سيفرض على إسبانيا العودة إلى صناديق الاقتراع من جديد، وهذا هو الأمل المتبقي لجبهة “البوليساريو الجزائرية “.
وفي وقت سابق، مع إعلان المغرب ترشحه لاستضافة كأس العالم لسنة 2030 بمعية كل من إسبانيا والبرتغال شرعت البوليساريو الجزائرية في حشد الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية الأوروبية لإثارة الجدل الإعلامي حول ملف الترشيح.
ولم تتقبل البوليساريو الجزائرية الخطوة الرياضية المفاجئة التي أقدمت عليها المملكة المغربية، والتي حظيت بثقة المنتظم الدولي بعد حسن تنظيم النسخة السابقة من كأس العالم للأندية، الأمر الذي دفع كلا من إسبانيا والبرتغال إلى تقديم ملف مشترك مع المغرب لاستضافة كأس العالم لسنة 2030.
جدير بالذكر أن دبلوماسية المملكة المغربية في السنوات القليلة الماضية حققت العديد من المكاسب الاستراتيجية لصالح قضية الصحراء المغربية، حيث تم تدشين العديد من القنصليات التابعة لمختلف الدول بالصحراء كما أشادت العديد من الدول الغربية بمقترح الحكم الذاتي باعتباره الحل الأكثر واقعية لحل هذا النزاع، وفي المقابل تراجعت قوة الخطاب الذي يتم ترويجه من قبل جبهة البوليساريو الانفصالية.
وللإشارة فمجموعة من التقارير الإعلامية كشفت الأعمال الإجرامية التي تقوم بها الجبهة الانفصالية، ومن ضمنها تورطها في أعمال إرهابية وأخرى لها علاقة في الاتجار بالبشر وتهريب المخدرات ناهيك عن الأوضاع غير الإنسانية التي تعيش بها ساكنة مخيمات تندوف.