رغم تصويت بعض العرب الأمريكيين لترامب عام 2016 إلا أن سياساته المؤيدة لإسرائيل، والاعتراف بالقدس عاصمة لها، على وجه الخصوص، أدت إلى تراجع الدعم إلى حد كبير.
لميس أنس / واشنطن
يمكن للناخبين الأمريكيين العرب لعب دور مهم في انتخابات 3 تشرين الثاني/نوفمبر وتحديدا في ولايتين متأرجحتين رئيسيتين هما ميتشيغان ومينيسوتا حيث يشكلون مجتمعات كبيرة لا يستهان بها.
وفي حين أن هناك نقصا في بيانات استطلاعات الرأي الموثوقة حول الأمريكيين العرب، إلا أن عدد أبناء الجالية العربية في ولايتي ميتشيغان (200 ألف) ومينيسوتا (أكثر من 100 ألف) مرتفع بما يكفي للنظر إليهم ككتلة تصويت قوية من المرجح أن تفيد المرشح الديمقراطي جو بايدن، وفقا لتقرير نشرته شبكة “إيه بي سي” الأمريكية.
يقول عبد الله بطاح، الأستاذ المشارك في العلوم السياسية بجامعة ولاية مينيسوتا والخبير في سياسات الشرق الأوسط، لـ”إيه بي سي” إنه يعتقد أن الكثير من حماس العرب الأمريكيين تجاه بايدن مرتبط بموقف ترامب إزاء العرب الأمريكيين خلال فترة ولايته الأولى.
ويوضح قائلا “ترامب، في المرة الأولى، حظي بميزة الشك من قبل 26 في المئة من الأمريكيين العرب الذين صوتوا له، لكنه لم يعدل من خطابه أو يتخلى عن أفكاره العنصرية، وهذا سيفيد بايدن”.
وكان بايدن قد شارك مؤخرا في حدث افتراضي بعنوان “المسلمون يصنعون التغيير: التكريم الوطني” وتعهد بإنهاء حظر ترامب على المسلمين في “اليوم الأول”.
وقال “الأصوات المسلمة الأمريكية مهمة لمجتمعنا وبلدنا. أعلم أنكم لم تحصلوا دائما على الاحترام أو التمثيل الذي تستحقونه. لقد رأينا ما يحدث عندما يشعل الرئيس النيران: جرائم كراهية، مزيد من التنمر يواجهه الأطفال في المدارس، وتصاعد التعصب ضد المسلمين. هذا ليس ما نحن عليه”.
على الرغم من تصويت بعض العرب الأمريكيين لترامب في عام 2016 إلا أن بعض سياساته المؤيدة لإسرائيل، والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، على وجه الخصوص، أدت إلى تراجع الدعم إلى حد كبير، وفقا ليوسف شهود، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كريستوفر نيوبورت.
وقدر مسح المجتمع الأمريكي لعام 2019 وهو مسح سنوي للسكان أجراه مكتب الإحصاء، أن هناك أكثر من مليوني أمريكي عربي في البلاد. ومع ذلك، يقدر المعهد العربي الأمريكي (غير ربحي) أن 3.7 مليون هو رقم أكثر دقة.
وفي ولاية ميتشيغان، تعيش الغالبية العظمى من الأمريكيين العرب البالغ عددهم 200 ألف في منطقة ديترويت وفي مدينة ديربورن ذات الأغلبية العربية في مقاطعة واين. يعتمد فوز الديمقراطيين على مستوى الولاية على الأغلبية الساحقة من مقاطعة واين، وفقا للمعهد العربي الأمريكي. ففي عام 2016 فاز ترامب بولاية ميشيغان بأقل من 11 ألف صوت من أصل 4.8 مليون تقريبا.
وفي ولاية مينيسوتا، يقدر مكتب الإحصاء أن عدد السكان العرب الأمريكيين قريب من 108.55. ويُنظر إلى مينيسوتا بشكل متزايد على أنها ولاية متأرجحة محتملة بعد خسارة ترامب الضيقة هناك في عام 2016 أمام المرشحة الديمقراطية للرئاسة هيلاري كلينتون، التي فازت بالولاية بنحو 44.500 صوت أو 1 في المئة.
بالطبع، لا توجد كتلة تصويت سياسية عربية أمريكية متجانسة في الولايات المتحدة. يقول ديفين باتيش، المدير التنفيذي لمجلس التراث العربي الأمريكي في فلينت بولاية ميشيغان، إن المجتمعات العربية الأمريكية “تركز على مختلف القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر عليها. يهتمون بالرعاية الصحية والضمان الاجتماعي والتعليم والاقتصاد”.
ويضيف بالنسبة للبعض، تلوح في الأفق قضايا المراقبة والتمييز والعنصرية بشكل خاص. يميل الآخرون إلى أن يكونوا “أشخاصا ذوي قضية واحدة” حيث تلعب السياسة الخارجية المتعلقة بوطن أجدادهم دورا مهما في تحديد من يدعمونه للمناصب.
ويرى وليد مهدي، الأستاذ المساعد في السياسة الثقافية الأمريكية العربية الدولية بجامعة أوكلاهوما، أن العديد من القيم التقليدية التي يتبناها الجمهوريون، وهي “الفهم المحافظ للقضايا الاجتماعية” يشترك فيها الأمريكيون العرب المحافظون، سواء كانوا مسيحيين أو مسلمين. ويضيف “في الواقع، خاصة بين المسلمين، هناك قضيتان اجتماعيتان رئيسيتان – الإجهاض وزواج المثليين – لهما صلة خاصة بميولهم السياسية”.
ويقول عبد اللطيف الجهمي من ديربورن (ميتشيغان) وهو أحد مؤيدي ترامب، “الديمقراطيون تماما مع هذه المسائل. لذلك، الحرية في ممارسة أي نوع من الزواج تريده، الإجهاض، هذه أمور تتعارض مع معتقداتنا الإسلامية، لكن هجمات الحادي عشر من سبتمبر، ورد الفعل العنيف اللاحق الذي عانى منه المجتمع العربي الأمريكي، مع أشكال من العنصرية، وأحيانا قوانين مؤسسية مثل حظر ترامب المسلمين، قوضت الدعم للحزب الجمهوري، وقد أدى ذلك إلى إعادة ترتيب أولويات الأمريكيين العرب”.
وعززت طرق ترامب المنهجية في استبعاد العديد من الأصوات في المجتمع العربي الأمريكي الذي أصبح لديه “شعور بالغربة” وزادت من تفاقم انفصالهم عن الحزب الجمهوري ، بحسب مهدي.
ولدى ترامب تاريخ من التعليقات والإجراءات التحريضية ضد المسلمين. ففي الأسبوع الأول له في المنصب، فرض حظرا على الزوار من الدول ذات الأغلبية المسلمة. على الرغم من إيقافه في البداية من قبل محكمة فيدرالية، إلا أن المحكمة العليا أيدت نسخة معدلة من الحظر في عام 2018. وخلال مقابلة مع قناة NBC في عام 2015 قال ترامب إنه سيطبق “قاعدة بيانات” لتتبع المسلمين ومراقبتهم. وفي كانون الثاني/يناير 2020 أعاد تغريد صورة مزيفة للديمقراطيين تشاك شومر ونانسي بيلوسي وهما يرتديان الزي الإسلامي التقليدي ويقفان أمام العلم الإيراني.
وابتعد بعض الأمريكيين العرب عن الحزب الجمهوري في العقود الأخيرة، وتبنى الكثيرون شخصية من أكثر الشخصيات السياسية ذات الميول اليسارية وهو السناتور بيرني ساندرز.
فقبل انسحاب ساندرز من السباق الرئاسي، حصل على دعم العديد من المنظمات العربية الأمريكية. وأيده العديد من الناخبين الأمريكيين العرب، الذين لم ينجذبوا فقط إلى رسالته الشعبوية، ولكن أيضا، بسبب نظرته المتعاطفة مع القضية الفلسطينية ووعده، في حال انتخابه، بالضغط على إسرائيل لوقف التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية.
تحدث ساندرز عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بطريقة إنسانية. وحفز الكثير من الناس على الخروج لدعمه.
وقدمت حملة بايدن خطة للجالية الأمريكية العربية، يقر فيها بمساهمات العرب الأمريكيين، ويلتزم بمحاربة “التعصب ضد العرب” وضم العرب الأمريكيين إلى إدارته.
الأستاذ في جامعة ولاية مينيسوتا عبدالله بطاح، يعتقد أن رسالة بايدن ستصدح “فقط بسبب الاستياء المنتشر في المجتمع بشأن سياسات ترامب في الداخل والخارج. إذ إن عنصرية ترامب وكراهية الإسلام هي جوهر استراتيجيته للفوز”.
ومع ذلك، “لا تتفاجأ برؤية العرب الأمريكيين يخرجون ويعبرون عن دعمهم لترامب” يقول مهدي.
ويضيف “من المرجح أن يدعموا الرئيس بسبب التزامهم بالقيم الاجتماعية المحافظة. وبالنسبة للعائلات الأكثر ثراء، فإنهم يعتقدون أن الاقتصاد سيكون أفضل حالاً في ظل الجمهوريين وأنهم سيستفيدون من ضرائب أقل”.
فيما قالت ديما عطية، من ميتشيغان، إنه بينما ترى المزيد من الحماس من الجالية العربية الأمريكية لإخراج ترامب من منصبه في هذه الدورة الانتخابية، فإنها تأمل في أن يجعلوا أصواتهم مسموعة، “آمل حقًا أن يشارك الناس في التصويت. أعتقد أن الأمريكيين العرب لا يدركون أن هناك الكثير منا، ولدينا صوت قوي إذا كنا على استعداد لاستخدامه”.