لا يخفى على الكثيرين ولع الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامببالظهور الإعلامي، من سابق خبرته في هذا المجال من ناحية، ومن ناحية أخرى رغبته في السعي للتواصل مع أنصاره إذا ما قرر القبول بنتائج الانتخابات، وتسليم مقاليد البيت الأبيض لمنافسه الديمقراطي جو بايدن.
وبعد انتهاء رئاسته، ستظل حقيقة أن ترامب يتمتع بشعبية كبيرة بين ملايين من أنصاره ممن منحوه أصواتهم، ومن ثم سيحتاج إلى التواصل معهم عن كثب لتوصيل رسائله إليهم بإسهاب أكبر من خلال وسيلة إعلامية بخلاف منصته المفضلة، “تويتر”، التي تقيده بعدد محدود من الكلمات، خاصة في ظل تقارير إخبارية بشأن عزمه الترشح مجددا للرئاسة في 2024.
وفي هذا السياق، نشرت صحيفة “لوس أنجليس تايمز” تقريرا تناولت فيه فرص ترامب في مجال الإعلام إذا ما قرر بالفعل الإقدام على هذه خطوة.
وبحسب التقرير، قبل أربع سنوات عندما رجحت استطلاعات الرأي فوز منافسة ترامب الديمقراطية آنذاك هيلاري كلينتون بالرئاسة، كانت الخطوة التالية المتوقعة منه هي إطلاق قناة تلفزيونية تحمل اسمه.
إلا أن فوزه المفاجئ غيّر كل ذلك. ولكن مع استمرار وجود ترامب في البيت الأبيض حتى كانون ثان/يناير 2020 بعد خسارته أمام بايدن الأسبوع الماضي ، عادت التكهنات مجددا بشأن مستقبله ككيان إعلامي.
وتقول الصحيفة إن ترامب يحظى بجاذبية لدى مشاهدي شبكات القنوات الإخبارية بشكل خاص، حتى أن مشاهدات شبكات (سي إن إن) و(فوكس نيوز) و(إم إس إن بي سي) ارتفعت منذ دخول ترامب أول سباق رئاسي له في عام 2015 بل وسجلت مستويات قياسية العام الجاري.
وأوضحت أن إطلاق شبكة تلفزيونية تحمل اسم ترامب – وهي فكرة طُرحت قبل أربع سنوات – سيكون أمرا صعبا، مع ابتعاد المستهلكين عن الاشتراكات التلفزيونية مدفوعة الأجر، ومن ثم فإن الإقدام على دفع رسوم ترخيص لقناة جديدة سيكون تحديا كبيرا.
ويقول ديريك باين، وهو محلل إعلامي: “لا توجد طريقة يمكن من خلالها بدء شبكة إعلامية جديدة في هذه البيئة”.
وانخفض عدد المشتركين في قنوات “الكيبل” والفضائيات من 5ر97 مليون مشترك في عام 2016 إلى 2ر79 مليون مشترك بنهاية الربع الثالث من هذا العام.
ويقول مسؤولون تنفيذيون في وسائل إعلام أخرى ممن تعاملوا مع ترامب إن الرئيس لا يريد على الأرجح تحمل العبء الثقيل الذي ينطوي عليه إطلاق قناة جديدة.
وقال باين إن من الأفضل أن يشارك ترامب في الاستحواذ على قناة موجودة بالفعل تقدم خدماتها لأتباعه المتعصبين.
ورفض متحدث باسم البيت الأبيض التعليق على ما يتردد في هذا الشأن.
والطريق الأسهل بالنسبة لترامب هو الإسهام كمضيف برنامج أو مساهم مدفوع في شبكة قائمة بالفعل.
وترى الصحيفة أن شبكة “فوكس نيوز” ، حيث تتوافق آراء ترامب مع آراء مضيفيها المحافظين، ستكون مناسبة بشكل واضح من منظور الجمهور. ويعتقد ترامب بالفعل أنه مسؤول شخصيا عن هيمنة القناة على التصنيفات.
ويقول جون كلاين، الرئيس السابق لشبكة (سي إن إن) الأخبارية الأمريكية: “إذا كانت فوكس تتسم بالذكاء، فستدفع كثيرا من المال لترامب ليظهر حصريا على شبكتها”.
وأشارت الصحيفة إلى أن صفقات شبكات التلفزيون مع الرؤساء السابقين ليست بالأمر الجديد، لأن تجربتهم في البيت الأبيض توفر منظورا فريدا للعالم.
وفي مطلع الستينيات من القرن الماضي، أجرى هاري ترومان سلسلة من برامج المقابلات لتحليل فترة رئاسته. ووقع دوايت أيزنهاور وجيرالد فورد صفقات للعمل كمعلقين في شبكات إخبارية بعدما غادرا المكتب البيضاوي. حتى أن بيل كلينتون كان لديه تطلعات لأن يصبح شخصية إعلامية ذائعة الصيت على غرار أوبرا وينفري، حيث التقى بشبكة واحدة، على الأقل، في عام 2002 بشأن إمكانية استضافة برنامجه الحواري الخاص.
وكان من الممكن لباراك أوباما، الذي ظهر هادئا وجذابا على شاشات التلفزيون، أن يوجد لنفسه مهنة جديدة أمام الكاميرات، لكنه اختار بدلاً من ذلك الدخول في صفقة إنتاج مربحة مع شركة البث العملاقة “نتلفيكس”.
وكان ترامب بالفعل نجما تلفزيونيا قبل توليه الرئاسة ، حيث حولت شبكة (إن بي سي) قطب العقارات إلى مضيف لبرنامج مسابقات تلفزيون الواقع “ذا أبرينتيس” ، مما زاد من شهرته بشكل كبير من عام 2004 إلى عام 2015، حتى أنه رغم خسارته في انتخابات الأسبوع الماضي، حسب تقديرات وسائل الإعلام، فإنه حصد ثاني أكبر عدد من الأصوات في التاريخ.
وتقول الصحيفة إن أي دور لترامب في فوكس نيوز سيتطلب إصلاح بعض الأمور، حيث ازداد غضب ترامب خلال حملة 2020 بسبب تغطية الشبكة للسباق الرئاسي من قبل الصحفيين والقائمين على استطلاعات الرأي.
وستحتاج الفترة المقبلة، إذا كان ترامب يفكر بالفعل في الاتجاه للعمل الإعلامي إذا سلم بنتيجة انتخابات الرئاسة الحالية، نوعا من الصفقات التي اعتاد الرئيس إبرامها ببراعة كرجل أعمال قبل أن يكون رئيسا، بحيث يحقق مآربه في مخاطبه جمهوره من خلال وسيلة الإعلام التي قد تجد فيه عنصر الجذب الذي يحقق لها نسب مشاهدات مرتفعة.