هذا مجرد سؤال باغتتني به إحدى الصحفيات العربيات، خفيفة الظل والروح ، بعدما تعرفت علي وعلمت أنني من المغرب ، حيث كنا حوالي عشرة أفراد من مختلف الجنسيات العربية، نتحلق جميعا حول مائدة غذاء أعدت خصيصا لممثلي الصحافة والإعلام، على هامش ملتقى من الملتقيات العربية بإحدى الدول الأوربية .
لقد فاجأني سؤالها في الحقيقة ، و فأجأني أكثر إصرارها على تلقي الجواب ،واهتمام من كان معنا في المجلس لسماعه ، بعدما اعتراهم صمت رهيب واتجهت أنظارهم نحوي ، فقلت لها بصراحة :
” بالنسبة لي إن المغرب اسم مرادف للجمال ، ولو كان الأمر بيدي ، لكان يجب أن تدون كلمة مغرب في قواميس كل لغات العالم كمصطلح مرادف لكلمة الجمال ..”.
فقاطعتني بلهجتها العربية الممزوجة بلكنتها الشرقية، وهي تبتسم ، وعيناها تراقب الحاضرين، بقولها :
” طيب يا اخي أنا طلبت منك أن تذكر لي أجمل ما في هذا الجمال “.
فسكت قليلا و أنا أفكر ، ثم أجبتها بقولي :
” أجمل ما في المغرب شيئان ، وليس مجرد شيء واحد فقط ، و منذ أن علمت بحقيقتهما ،وهما يتنافسان في خاطري على الصدارة و تحقيق المرتبة الأولى ، مما جعلني -كعادة المغاربة في حيرة من أمرنا ، و لم نعد قادرين على تقديم أحدهما على الآخر .
.أولهما : المرأة المغربية ، و أنتم الأجانب العرب تعلمون يقينا روعة وجه المرأة المغربية الطبيعي و قوامها وشكلها الخارجي ، وتعلمون أيضا تميزها في العناية بأناقتها في مظهرها وملبسها الخاص كالقفطان وغيره ، و قد تكونوا سمعتم أو تذوقتم شيئا من مطبخها العالمي ذائع الصيت ، لكن مع ذلك أجزم أنكم لم تكتشفوا إلا القليل القليل من جمالها الرباني الذي خصها به الله عن بقية نساء العالم ، …و الذي لا يعرفه إلا من يعايشها ويتعامل معها عن قرب …. فعلى سبيل المثال لا الحصر، لا يعلم الأجانب شيئا عن طقوس حمامها الأسبوعي المغربي، ولا عن ذكائها و شطارتها الكبيرة في تدبير أمور ميزانية البيت، وذوقها الرفيع المتميز في اختيار الأفرشة ، ولا عن هوسها بأشغال بيتها رغم ما تحصده من تعب في سبيل نظافة بيتها ، ولا يمنعها من ذلك مرض أو أي مانع آخر ، و لا تقبل أن يساعدها في شؤون المطبخ ،إلا إن اضطرت لذلك مكرهة و بشكل مؤقت في حالات نادرة جدا ، ليس لأنها ليست في حاجة للمساعدة ، أو لأنها ضعيفة أمامه ولا تجرأ على طلب ذلك ، ولكن بسبب فكرة و ثقافة تربت عليها من نعومة أظافرها ، وتؤمن بها وترسخت في قلبها ، وهي أن المطبخ محرابها الذي لا تقبل أن يدخله معها أحد ، و تعد بيتها المكان الذي تقدسه وتشمله بكامل عنايتها، وتفرض فيه بصمتها التي تخصها، واسمحو لي لا أريد أن أطيل عليكم بخصوص نسائنا ، لان الحديث في هذه الأمور يطول .
أما إن اعتراكم الفضول لمعرفة من ينافسها في الجمال ، فسأجيبكم بلا مبالغة ، هي طبيعة بلادنا المغرب الجميلة .
2) إن الطبيعة المغربية هي التي استطاعت أن ترفع التحدي في وجه المرأة المغربية من التفرد بالتربع على عرش الجمال المغربي ، لأن المغرب في الحقيقة عبارة عن متحف طبيعي كبير …يضم أجمل وأغنى اللوحات الفنية الإبداعية الطبيعية التي نحثتها ورسمتها عناية ربانية ، جعلت من المغرب مختلفا عن باقي بلدان العالم …وجمعت في نطاقه الجغرافي مناظر تفرقت في الدنيا ، واجتمعت في بيئته ، تعكسها لوحات مناظره المختلفة … من لوحات شاطئية تؤثتها… و مياه بحرين يحضنانه شمالا وغربا برمال شاطئهما الذهبية … و لوحات أخرى صحراوية كثيرة ، تتوسطها واحات و قوافل جمال تهيم فوق كثبانها الرملية … وأخرى تبهرك بروعة قمم سلاسلها الجبلية، منها سلاسل خضراء و أخرى ثلجية ، و بزرابيه الطبيعة التي تكسو خضرتها سهوله وهضابه ، وغاباته الكثيرة التي تسر الناظرين ،و بأنهاره العذبة النظيفة التي تجري في كل مكان، والله لا أبالغ في الوصف ولكنها الحقيقة التي لا يكتشفها إلا الزائرون لهذا البلد العظيم بتاريخه العريق كذلك، و حضاراته المتعاقبة ، التي شهدت استمرارية و تراكمية إلى يومنا هذا رغم التحديات و المتغيرات .
وحتى إن عجزنا في تحديد من يتربع عرش جمال المغرب ، إلا أننا نعدهما هبتان ربانيتان أكرم بهما الخالق هذا البلد ، وإننا على يقين أن جمال المغرب لا يكتمل إلا بامتزاج جمال الطبيعة بجمال المرأة المغربية “.
و في الختام، فلا داعي أن أخبركم أعزائي بردة فعل تلك الصحفية و الحضور ، وما صدر منهم في المجلس بعد سماعهم لهذا الكلام الذي يصف حقيقة الجمال المغربي و تميزه و خصوصيته .