عز الدين السريفي
تعرف الكثير من المدن الكبرى حملة شاملة لتنخيل الشوارع الرئيسية، في جميع المدن، مما يطرح تساؤلات عريضة حول مصير مشروع غرس مليون شجرة في المدن، بعد احتضان المغرب لمؤتمر المناخ “كوب 22”.
والملاحظ أن الكثير من مجالس الجماعات شرعت بشكل غير مسبوق في حملة غرس النخيل وإزالة الأشجار في بعض المدن مثل أكادير وإنزكان، مما يطرح التساؤل عن أهداف عملية غرس “النخل الرومي” عوض الأشجار التي تحافظ على التوازن البيئي وتقلل معدل درجات الحرارة.
في هذا السياق، حذرت حركة “مغرب البيئة 2050” من مخاطر زراعة النخيل خارج الواحات، لكونه يمثل “جريمة بيئية كبرى ضد الأجيال الحالية والقادمة”، معتبرة أن زراعة النخيل في غير موطنه الطبيعي لا توفر نفس الفوائد البيئية التي تقدمها الأشجار الأخرى، مثل امتصاص ثاني أوكسيد الكربون وتنقية الهواء وإنتاج الأكسجين واحتباس الغبار وتنظيم الرطوبة وشدة المناخ والحماية من الفيضانات وتثبيت التربة ومنع التعرية.
وقالت الحركة، أن زراعة النخيل في أماكن غير مناسبة لها، مثل المدن، يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة، بما في ذلك تملح التربة، واستنزاف المياه، ثم التأثير على التنوع البيولوجي، داعية إلى اتباع ممارسات زراعية تراعي التوازن البيئي وتحافظ على التنوع البيولوجي، عبر زراعة الأشجار المناسبة لكل منطقة ومناخ.
كلفة باهظة
أيوب كرير، خبير في المناخ والتنمية المستدامة رئيس جمعية “أوكسجين للبيئة والصحة”، أكد أن “ظاهرة تنخيل الشوارع الرئيسية لا تزال تتمدد بكثرة في مدن كبرى ينتظر منها أن تكون نموذجا لباقي المناطق المغربية؛ وهو ما يحرم ساكنة هذه المدن من الفوائد الإيكولوجية والصحية والجمالية التي تتيحها الأشجار، خلافا لهذا النخيل الرومي المستورد من أمريكا اللاتينية الذي لا يملك أية ميزة سوى كلفته الباهظة التي تستنزف الموارد المالية للجماعات”.
وأضاف الخبير في المناخ والتنمية المستدامة، في تصريح لهسبريس، أن “النخيل الرومي لا يمت بأية صلة إلى المناخ السائد في هذه المدن التي تنفرد كل واحدة منها بهوية بيئية تتضمن جميع الأشجار المحلية الملائمة للتشجير”، مشيرا إلى “أنه لا يساهم في امتصاص ثنائي أوكسيد الكربون أو في تلطيف الأجواء أو التخفيض من أمراض الجهاز التنفسي مقارنة بالأشجار”.
وشدد رئيس جمعية أوكسجين للبيئة والصحة على “أن خطورة انتشار الظاهرة في مدن كبرى تتجلى في احتضانها مستقبلا للتظاهرات العالمية التي يقبل عليها المغرب، في مقدمتها كأس أمم إفريقيا 2026 وكأس العالم 2030؛ ما يهدد بترسيخ صورة سيئة جدا عن تدبيرنا للمجال لدى الأجانب، تقوم على الاعتقاد بأننا نحرص على ملئه بالمغروسات كيفما اتفق دون أية مراعاة لتلاؤمها مع بيئتنا ومناخنا”.
واعتبر كرير أن “غرس النخيل بالمدن المغربية يضرب عرض الحائط مشروع الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة والالتزام الذي قطعه المغرب في مؤتمر كوب 22 بغرس مليون شجرة” مشيرا في هذا الصدد إلى أن “تحقيق الالتزام المذكور ليس بالهدف صعب المنال، ولنا خير مثال في الدول الخليجية التي كثفت في السنوات الأخيرة من الأحزمة الخضراء، رغم مناخها الصحراوي القاسي”.