وأنا أتحدث مع إعلامي تونسي أعفي نفسي من ذكر إسمه ، لأني أعرف أنه لن يقبل ذلك …، انتقدت له بشدة وبمنطق تصرف رئيس بلده قيس ،عندما استقبل إبن آوى …(عفوا أردت أن أقول عندما استقبل إبن بطوش ) بتونس فوق البساط الأحمر … لكن بما أن هناك اوجه تشابه بين إبن بطوش، وبين إبن آوى، الذي هو الآخر ذكي، ويعرف كيف يسرق غذاء ورزق الحيوانات التي هي أقوى منه ، بعد ان يستغفلها،… ويتشابه في ذلك كثيرا مع بن بطوش الذي هو الآخر يعيش عيشة الملوك عالة على حساب دولة الجزائر المغفلة، ويسرق قوت شعبها الذي هو في أمس الحاجة إليه، ليرحم نفسه من عيشة الأزبال، ومن الإصطفاف اليومي في الطوابير، والمعاناة من الخصاص الدائم في كل شيء ، بشكل يذكرنا بما تعيشه شعوب دول العالم التي تعيش تحت الحرب قلت: لما انتقدت أمام صديقي التونسي ، بحماس ومنطق تصرف قيس سعيد الغريب والعدائي للمغرب، والذي أساء به مباشرة لكل الشعب المغربي عندما مسه في وحدة بلده….،وكذلك لما امتنعت تونس عن التصويت أمميا، لفائدة تمديد مهمة المينورسو بالصحراء المغربية ضدا عن مصلحة المغرب ، …حاول صديقي التونسي أن يمتص غضبي ، و يبرر لي ما لايبرر ، ..ولما حشرته في زاوية النقاش بحجية ومنطقية عتابي…حاول أن يتحاشى الإعتراف لي صراحة بزلة رئيسه …وتهرب من الجواب مستنجدا بلغة خطاب الكراغلة الخبيثة المعهودة، وقال لي، يا أخي ملف الصحراء يوجد بيد لجنة تصفية الإستعمار بالأمم المتحدة ، ولا زال حتى الآن بين يديها ولم تبت فيه نهائيا …ابتسمت ابتسامة استهزاء في وجهه ..وقلت له انت قلتها، ..حتى الآن لازالت اللجنة المختصة لم تبت في النزاع …وأنا متفق معك ، لكن هذا لم يمنع رئيسك أن يسبق لجنة تصفية الإستعمار ، ويفصل في النزاع …ويعترف برئيس “دولة الجمهورية العربية الصحراوية البطوشية الجزائرية” ، ويستقبله استقبال الرؤساء ، وعلى السجاد الأحمر أمام أنظار العالم، إرضاءا و تنفيذا لتعليمات تبون ….تم قلت له: أريد أن أسألك سؤالا كمثقف محايد ..انت تعرف طبعا طبيعة النزاع حول الصحراء …..قال : تمام المعرفة …قلت له ما هي في نظرك الجهة الوحيدة التي من حقها أن تأمر المغرب لا قدر الله بالخروج من الصحراء المغربية إن كان لا بد من ذلك …قال: الأمم المتحدة طبعا….قلت له : طيب ،انت سمعت بالإعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء أليس كذلك ؟ ، وأنت تعرف طبعا أن أمريكا هي الكل في الكل ، وهي من يهيمن ويتحكم في اتخاذ القرارات التي تريد الأمم المتحدة إصدارها ، قال هذا صحيح…. وأمر طبيعي ..سألته هل في رأيك ، سترضى الولايات المتحدة بأن تضحي بصداقة المغرب ، وترضى بأن تهزمها الجزائر دبلوماسيا أمام العالم ، وتنتزع من المغرب الصحراء التي قالت أمريكا أنها ملك خالص للمغرب ….فكر صديقي قيلا في كلامي تم أراد أن يراوغني، وقال: أسمعت يا نبيل قولة رئيس وزراء ابريطانيا تشرشل التي قال فيها : ( بين الدول لا توجد عداءات دائمة ، ولا صداقات دائمة، بل مصالح دائمة ) …هززت رأسي بالإيجاب، ، ليتمم : إعتراف أمريكا بمغربية الصحراء هو ناتج عن مصلحتها اليوم ، …ومن يدري، أن تظهر غدا لأمريكا مصلحة أخرى مع الجزائر متلا …وتميل لترجح كفتها في النزاع على حساب كفة المغرب …الحقيقة بعد سماعي لهذا الكلام ضحكت في وجهه ….وقلت في نفسي يا إلاهي ليس فقط رئيس تونس من تكرغل، بل يبدو أن عدوى التكرغيل تفشت حتى في جميع الشعب التونسي ، وقلت له دعني أبدأ من حيث أنت انتهيت ، و نزن الأمور فقط بميزان و لغة المصالح ، ..وحتى أكون صريحا معك أكثر ، انا….أعرف أن تونس للأسف و بفعل دافع المصلحة الذي تحدثت عنه، باعت المغرب للجزائر، وقبضت منها ثمن ذلك … ، أعرف هذا ، وأكاد أجزم ان جميع المغاربة يعرفون ذلك ، هذا من جهة …ومن جهة أخرى ألا ترى أن موقع المغرب قرب أوربا ، بواجهتين بحريتين منفتحتين ، الأولى على البحر الأبيض المتوسط شمالا، والتانية على المحيط الأطلسي غربا، وبامتداد تخومه الجنوبية إلى عمق إفريقي مهم ، ألا ترى أن موقعه هذا أهم بكثير لأمريكا مصلحيا : أقصاديا ،إستراتيجيا. وعسكريا، من موقع الجزائر الشبيه بخربة كبيرة مغلقة من جميع الجوانب …قال هذا شيء واضح …قلت له: الا ترى كذلك أن المغرب تاريخيا وسياسيا هو من أكبر الحلفاء الأفارقة الأقرب إلى أمريكا ، إن لم يكن هو أكبر حليف لها على الإطلاق ، لأنه الوحيد إفريقيا الذي تجمعه بها اتفاقية التبادل الحر . قال..طبعا ، قلت ألا ترى أن المغرب بالنسبة لأمريكا ولدول العالم ..هو البلد الأكثر استقرارا سياسيا ..من بين بلدان إفريقيا كلها بما فيهم الجزائر ، وأن هذا وحده يدعوا أمريكا حاكمة العالم ، بأن تراهن عليه في ضبط استقرار المنطقة ، ومسك توازنها ومنع انتشار الفوضى ، ..قال نعم …قلت له …ألم تسمع بإقبال الشركات الأمريكية ، والفرنسية والبريطانيا ، والألمانية ، ودولة الإمارات…. وغيرهم كثيرون ، على الإستثمار في صحراء المغرب ، قال نعم سمعت بذلك ، …ألم تسمع باستثمارات دولية ستخصص لأنبوب الغاز النيجيري المغربي من طرف دول عظمى بما فيهم روسيا التي عرضت تمويل الأنبوب…وهي تعلم أنه سيمر بالصحراء “الغربية” وأن المغرب هو الذي يتحدث ويوقع باسم أرضها بخصوص هذا المشروع، ولا يعارضه في ذلك أي أحد … ، ألم تسمع باستثمارات كبيرة ستخصص لبناء ميناء الداخلة الأطلسي، الذي سيخصص لخدمة التجارة الدولية ولإستقبال السفن التجارية العملاقة، وليفك العزلة على دول الساحل لتصدير ثرواتها ، وخيراتها ولتوظيف مداخلها في تنميتها ،
و لإ ستيراد احتياجاتها ….قال نعم …قلت بعد كل ما ذكرت لك …هل تعتقد أن كل هذه الدول التي تستثمر عبر شركاتها الملايير الممليرة من الدولارات بصحراءالمغرب( أمريكا..ابريطانيا ..فرنسا …ألمانيا ..والإمارات ..وغيرها…) هل تعتقد أن هذه الدول مستعدة للتضحية بمصالحها الإقتصادية : وبشركاتها العملاقة ، وأموالها الضخمة المستثمرة، وأيضا بمصالحها السياسية ، والعسكرية ، مع المغرب، لتتخلى فجأة عن كل ذلك ..وتهدي لبن بطوش صحراء المغرب على طبق من ذهب بكل ببنياتها التحتية ، وتجهيزاتها، وساكنتها، ..وتفعل هذا كله فقط من أجل عيون الجزائر ..ليدخلها بنبطوش ، فاتحا مقداما ، ويبدأ بطرد كل الأجانب من الصحراء، بمن فيهم مديروا واطر الشركات الأجنبية المستثمرة، في الصحراء، ليستولي على أرزاقها ، ويأمم شركاتها الأجنبية، لأنها متعاقدة فقط مع المستعمر السابق المحتل (المغرب) ومن حق الجمهوريه المستقلة ، ممارسة سيادتها ، وتأميم هذه الشركات
والإستحواد عليها باسم سيادة القانون الدولي …اتعتقد أن هذه الدول صاحبة المصالح سترضى بأن يؤول الامر لذلك؟ …قال طبعا لا …قلت له ألا تعتقد أن هذه الدول ، ترى حاليا ومستقبلا أن بقاء المغرب بصحرائه هو الضمان الأكبر لمصالح شركاتها، واقتصادها المرتبط بالمنطقة واستقرارها ، قال نعم …وحتى لا أظيف…. ، قاطعني صديقي التونسي وقال لي …أتمنى أن تعود المياه لمجاريها بين المغرب وتونس وحتى الجزائر ، ويؤسسوا فعلا اتحادا مغاربيا كبيرا ، على أسس مصلحية اقتصادية تعود بالنفع على شعودوبنا في المنطقة ، تم ودعني وغادر …وانا أتابعه بنظري وأقول ، فاتكم القطار…. يا جيراننا الأعزاء بالمنطقة …لا أتمنى أبدا أن يعود المغرب لحضنكم ، لينغمس وينشغل بوحل نزاعاتكم ومشاكل بطولتكم الصغيرة المحلية الضيقة . ……أتمناه أن يكمل طريقه في نسج العلاقات والشراكات العالمية التي ستعطيه حتما الإضافة التي يحتاجها…أما أنتم فسنبعد عنكم هذا المغرب الذي شيطنتموه ، ونترككم لوحدكم تلعبوا لعبكم بملاعبكم ….لنرى ماذا ستحققون بدون المغرب، وإلى ماذا سينتهي الأمر بكم؟ …